سارة جريفيث * إن الوظائف المؤقتة تعود ببعض المزايا على صاحب العمل والموظف، إذ تتيح لصاحب العمل تحديد عدد العمال بحسب الطلب على السلع، وفي الوقت نفسه، تمنح العاملين حرية اختيار الوظيفة التي يؤدونها بنظام العمل المرن، لكن الوظائف المؤقتة لا تخلو من العيوب، ومنها أن الشركات تخسر ولاء الموظف، كما قد يضطر العامل لقبول وظائف غير مستقرة، من دون ضمان الحد الأدنى لساعات العمل. ويتوقع كثيرون ظهور منصات للوظائف المؤقتة، تختار من خلالها الشركات العاملين الذين يثبتون كفاءة عالية في الوظائف السابقة، في حين أن الموظفين الأقل كفاءة سيضطرون للعمل في الوظائف الرتيبة، مثل المراقبة على المحتوى الرقمي وغيرها.وسوف يستفيد من نظام الوظائف المؤقتة العاملون الأكثر طلباً، كالممرضين والأطباء، لأنه سيتيح لهم تحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والعملية، وطلب أجور أعلى نظير العمل في الدوريات الليلية، أو في عطلات نهاية الأسبوع. وقد يلجأ بعض العاملين بسبب المعايير الصارمة لأصحاب العمل إلى تناول عقاقير تنشيط الذهن، وتحسين الوظائف المعرفية للدماغ.وفي ظل هذا النظام، قد يترقى الموظفون الأصغر سناً سريعاً، لكن على حساب زملائهم الأكبر سناً، أو الذين تمنعهم ظروفهم من العمل بنفس القدر من المرونة، ويبدو أن الجيل الأكبر سناً قد يكون هو الخاسر في هذه المعادلة، لأنه لا يمكنه مواكبة التطورات التكنولوجية مقارنة بالجيل الأصغر سناً، ويرى البعض أن الجيل الأصغر سناً قد يكون أكثر عرضة للخطر مقارنة بالجيل الذي يسبقه بسبب عدم اهتمامه بالخصوصية.ويلقي البعض باللائمة على الوظائف المؤقتة والموظفين المستقلين في زيادة المخاطر التي تواجهها الشريحة الأفقر في المجتمع، غير أن حجم تأثير الوظائف المؤقتة والرقابة المشددة على المجتمع سيعتمد في النهاية على مدى استعداد الحكومات، واتحادات العمال، لوضع أطر تنظيمية لحماية العمال المعرضين للخطر، وهو ما يوجب الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، أو شبكة أمان تناسب القرن الحادي والعشرين، ونظام للضمان الاجتماعي لا يقل شمولاً ولا جرأة عن تقرير بيفردج الذي أرسى قواعد نظام التأمين الاجتماعي والصحي منذ أكثر من سبعة عقود.وهنالك الكثير من الأمثلة للمقاومة، منها أن نقول لأصحاب العمل إنه ليس من المقبول الاستعانة بأجهزة إلكترونية لتتبع حركات عمال المخازن، أو أن نصّر على إعادة النظر في تشريعات حقوق الإنسان في ظل النظم الاقتصادية الجديدة. ولكي يتحقق ذلك، علينا أن نتحد بطرق مبتكرة لضمان إيصال أصواتنا للجميع، وأن ننشئ المنتديات لمناقشة الجوانب الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، وفضح الممارسات السيئة للشركات. * «بي بي سي»
مشاركة :