تقنين الفرض في عمارة الأرض | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 4/19/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يَقول المَثَل الصِّيني: (لكَي تُعمِّر الأَرْض، عَليكَ القيَام بثَلاثة أمُور: أنْ تَزْرَع شَجرة، وأن تُكوِّن أُسْرَة، وأنْ تَكتبَ كِتَابًا).. دَعونا نُدردش حَول هَذه العِبَارَة، ولنَأخذها حَبّة حَبّة، أو لنَأكلها حَبّة حَبّة، كَما يَأكل النَّاس العِنَب، ولَيس البرشومي..! أمَّا التَّأليف، فلَو ذَهبتَ إلَى مَعرض الكِتَاب، لأصَابك الاستفرَاغ المَعرفي مِن كَثرة الكُتب؛ التي تَجعل التَّأليف أسهَل مِن سَلق البيض، لذَلك لنُسقط هَذا الخيَار، أَعنِي خيَار التَّأليف لتَعمير الأَرض، لأنَّ التَّأليف في مِثل هَذه الحَالَة، هو تَدمير للأرض وقَطْع لأشجَارها..! وإذَا أَخذنَا الشِّق الثَّاني مِن المَثَل الصِّيني، وأعنِي بِهِ تَكوين الأُسْرَة، وإنتَاج الأَولاد، وتَفعيل عَجلة الإنجَاب، فهَذه خُطوة أُولى مِن أَسْهَل الخُطوَات، وأَعنِي بِهَا اتّخاذ القَرَار لتَكوين الأُسْرَة، ولَكن المُفزع والمُتعب في أَمر الأُسْرَة؛ هو المُدَاومة والاستمرَار، فالأَب والأُم هُمَا مَن يُربّيان، ولَيسا مَن يُنجبان فَقط، وتَكوين الأُسْرَة لَا يَعني أنْ تَستأجر مَنزلاً وتَضع فِيه امرَأة، وإنَّما يَعني فِيما يَعني؛ أَنْ تَجعل هَذه الأُسْرَة هي قِبلتك اليَوميّة، التي تَدور حَولها، وتُرتّب حيَاتك وفقًا لأَولويّاتها ومُتطلّباتها، وتَستمر في ذَلك حتَّى آخَر يَوم في حيَاتك، لأنَّ المَسؤوليّة الأُسريّة لَيست عِلبة "تونا" لَها تَاريخ انتهَاء، لذَلك هي مُستَمرّة وبَاقية مَا بَقي رَبُّ الأُسْرَة..! أمَّا الجُزء الثَّالِث مِن المَثَل، وهو زرَاعة الشّجرة، فهو -في نَظري- أَصْعَب شَرط، خَاصَّة إذَا كُنتَ تَسكن في وَادٍ غَير ذِي زَرع، وبالكَاد تَجد مِن المَاء مَا يُذهب الظَّمأ، فكَيف للنَّبَات أنْ يَشرب قَبل البَشَر؟ ولَكي أُدلّل عَلى صِحّة مَا ذَهبتُ إليهِ، حَاولوا أنْ تَتأمَّلوا المُجتمع، ستَجدون أنَّ أَغلَب أَفرَاده ذَهبوا إلَى التَّأليف وتَكوين الأُسْرَة، وهَجروا فِلاحة الأَرض، وزِرَاعة الأشجَار، لأنَّها الأصعَب، والأتعَب.. حتَّى أسبُوع الشّجرة الذي كُنَّا نَحتفل بِهِ؛ ونَحنُ في الصّفوف الابتدَائيّة التَهمتْه السّنون، فمَاتَت الشّجرة مِن العَطَش، حتَّى تَركنا هَذا الأسبُوع، واستَبدلنَاه بأسبُوع مُكَافحة التَّصحُّر..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ أَصْرخ قَائلاً: يَا قَوم تَوقّفوا عَن كِتَابة الكُتب؛ التي تُوسِّع دَائرة التَّصحُّر في الفِكر، وحَاولوا أَنْ تَزرعوا الأشجَار؛ التي تَنْشُر الظِّلال والجَمَال..!!!. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :