التحدي الحقيقي في اليمن | أنس زاهد

  • 4/1/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن قرار السعودية بشن الحرب على الحوثيين في اليمن وخلق تحالف عربي ودولي للانخراط في إعادة ترتيب أوراق البيت العربي والعمل على إيجاد نظام إقليمي جديد، إلا صورة من صور الحزم الذي يتمتع به الملك سلمان بن عبد العزيز . في التاريخ ليست هناك حروب مفاجئة، كل حرب ولها أسبابها التراكمية الطويلة. يقول العرب إن آخر العلاج هو الكي، والحرب مثلها مثل الكي... إنها العلاج الوحيد لانسداد آفاق الحلول السياسية. المشكلة في اليمن قديمة: فقر مدقع، وتخلف، وقبلية تحول دون إقامة دولة بالمفهوم المتعارف عليه لهذه الكلمة. ومنذ حوالي عقدين ونيف، أي منذ قيام الحرب بين الشطرين الشمالي والجنوبي، تم إهمال اليمن من قبل العرب، فتحولت أجزاء منه إلى إمارة يحكمها تنظيم القاعدة. ومع ازدياد حالة الإهمال العربي، والكف عن العمل على احتواء اليمن، بدأ النفوذ الإيراني يتغلغل ببطء عملاً بسياسة النفس الطويل ( خطوة خطوة ) حتى تعاظم هذا النفوذ وطغى وكاد أن يلتهم اليمن كلها ! قيادتنا لجأت إلى المواجهة في محاولة حكيمة منها، لتغيير المعادلة على الأرض، والتخفيف من عبء ميراث ثقيل اتسم بعدم وجود الحزم الكافي لمواجهة ما يحدق بنا من أخطار. الملك سلمان يعرف جيداً أن إيران لا تمتلك قدرات خارقة، وأن جل النجاحات التي حققتها إيران كانت ناتجة عن قدرتها على استغلال حالة الفراغ السياسي والاستراتيجي في المنطقة العربية. وهو فراغ قد حان الوقت لمعالجته عن طريق صياغة نظام إقليمي جديد. هذه العوامل هي التي حدت بالملك سلمان إلى استخدام سياسة الكي، علّ حلفاء إيران في اليمن يدركون أن حليفهم إنما يستخدمهم كورقة في صراعه مع السعودية ومع الخليجيين بشكل عام، لتجريدهم من أية منطقة نفوذ في اليمن وفي المنطقة كلها. وهو ما سيتأكد من خلال استعداد إيران للمساومة على حليفها الحوثي، مقابل تحقيق بعض المكاسب في مفاوضات الملف النووي. التحدي الحقيقي يكمن في مرحلة ما بعد الحرب التي أعتقد أنها في طريقها للحسم. التحدي الأكبر يتمثل في مساعدة اليمنيين على إقامة دولة وطنية غير طائفية، دولة تتسع لجميع اليمنيين، وقبل هذا وذاك، دولة تمتلك مؤسسات قوية وقادرة على فرض هيبتها على الأرض. ثم تأتي بعد ذلك ضرورة مساعدة اليمن على النهوض باقتصاده، وهو ما لن يتم إلا بالعمل على تقليص نفوذ شيوخ القبائل، والشروع في وضع خطط لمحاربة الفساد وتجديد الخطاب الثقافي والديني، فالمسألة لا تتوقف على الدعم وحده، وإنما على الإرادة والعمل والقدرة على التخطيط الاستراتيجي. الحرب هي مجرد خطوة أولى، المعركة الكبرى هي معركة السلام. anaszahid@hotmail.com

مشاركة :