الاقتصادات المتقدمة وقوة الناس «1من 2»

  • 8/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عدم المساواة في عدد كبير من الاقتصادات المتقدمة منذ الثمانينيات، يعزى بدرجة كبيرة إلى تركز الدخول في قمة هيكل التوزيع. وزادت مقاييس انعدام المساواة بصورة كبيرة، إلا أن التطور الأهم هو الزيادة الكبيرة والمستمرة في الحصة من مجموع الدخل التي يحصل عليها 10 في المائة من السكان الذين يكسبون أعلى دخل ــ وهو ما يرصده جزئيا فقط مقياس عدم المساواة ذو الطابع التقليدي الأكبر معامل جيني. ومعامل جيني إحصاء موجز يقيس متوسط فرق الدخل بين أي شخصين عن توزيع الدخل وتكون قيمته صفرا في حالة تقاسم الدخل كله بالتساوي داخل بلد ما و100 "أو1" إذا كان لدى شخص واحد جميع الدخل. وفي حين يمكن أن يؤدي بعض التفاوت إلى زيادة في الكفاءة بتعزيز حوافز العمل والاستثمار، فإن بحوثا أجريت أخيرا تشير إلى أن زيادة التفاوت ترتبط بانخفاض النمو وانخفاض قابليته للاستمرار في الأجل المتوسط "دراستان" 2011 Berg and Ostry, و2012 Berg Ostry, and Zettelmeyer, حتى في الاقتصادات المتقدمة "دراسة" 2014 OECD. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تزايد تركيز الدخل في قمة التوزيع إلى الحد من رفاهية السكان إذا سمح للفئة التي تحقق أعلى دخل باستغلال النظام الاقتصادي والسياسي لمصلحتها "دراسة" 2012 Stiglitz. وتتمثل التفسيرات التقليدية لتزايد التفاوت في الاقتصادات المتقدمة في عاملي التغير التكنولوجي القائم على المهارات والعولمة، اللذين زادا الطلب النسبي على العمالة الماهرة، على نحو استفاد منه أصحاب الأجور العليا مقارنة بأصحاب الأجور المتوسطة. إلا أن التكنولوجيا والعولمة تعززان النمو الاقتصادي، ولا يوجد سوى القليل الذي يمكن أن يقوم به صانعو السياسات أو يرغبون في القيام به لتبديل مسار هذه الاتجاهات العامة. وعلاوة على ذلك، ففي حين تأثرت البلدان مرتفعة الدخل بصورة متشابهة بالتغير التكنولوجي والعولمة، فإن عدم المساواة في هذه البلدان ارتفع بسرعات وأحجام مختلفة. ونتيجة لذلك، ركزت البحوث الاقتصادية أخيرا على آثار التغيرات المؤسسية، بإلغاء القيود التنظيمية المالية وخفض المعدلات الحدية الأعلى لضريبة الدخل الشخصي التي كثيرا ما يقال إنها من العوامل المهمة التي تسهم في زيادة عدم المساواة. وفي المقابل، في المناقشات التي أجريت أخيرا حول هذه المسألة، برز بشكل أقل الدور الذي اضطلعت به مؤسسات سوق العمل، مثل خفض حصة العاملين المنتسبين إلى نقابات عمالية وخفض الحد الأدنى من الأجر نسبة إلى الدخل الوسيط. وفي دراسة قيد الإصدار، قمنا ببحث هذا الجانب من المعادلة، ووقفنا على الأسباب وراء زيادة عدم المساواة وركزنا على العلاقة بين مؤسسات سوق العمل وتوزيع الدخول، وذلك بتحليل تجربة الاقتصادات المتقدمة منذ أوائل الثمانينيات. والرأي الشائع هو أن التغيرات في إقامة الاتحادات أو الحد الأدنى من الأجر تؤثر في العاملين الذين يتقاضون أجورا منخفضة ومتوسطة، ولكن من غير المرجح أن يكون لها تأثير مباشر في أصحاب الدخول العليا. وفي حين تتسق النتائج التي خلصنا إليها مع آراء سابقة بشأن آثار الحد الأدنى من الأجر، وجدنا أدلة قوية على أن خفض كثافة الاتحادات يرتبط بزيادة في أعلى حصص من الدخل في الاقتصادات المتقدمة خلال الفترة 1980ــ2010، ما يتعارض مع المفاهيم المسبقة بشأن القنوات التي تؤثر من خلالها كثافة الاتحادات في توزيع الدخل. وذلك هو الجانب الأكثر ابتكارا في تحليلنا، الذي يمهد الطريق أمام مزيد من البحوث عن الصلة بين تناقص الاتحادات وزيادة التفاوت في قمة توزيع الدخل. سلطت البحوث الاقتصادية الضوء على مجموعة مختلفة من القنوات التي يمكن من خلالها أن تؤثر الاتحادات والحد الأدنى من الأجر في أسفل ومنتصف هيكل توزيع الدخل، مثل تشتت الأجور، والبطالة وإعادة التوزيع. إلا أننا نظرنا في دراستنا أيضا في إمكانية أن يؤدي خفض كثافة الاتحادات إلى زيادات في أعلى حصص للدخل، ووضعنا فرضيات لبيان أسباب ذلك. إذن، فالقنوات الرئيسة التي تؤثر من خلالها مؤسسات سوق العمل في تفاوت الدخل هي كالتالي: تشتت الأجور: يعتقد عادة أن إقامة الاتحادات والحدود الدنيا للأجر تقلل من عدم المساواة بالمساعدة على المساواة في توزيع الأجور، وذلك ما تؤكده البحوث الاقتصادية. البطالة: يرى بعض الاقتصاديين أنه في حين يؤدي تعزيز الاتحادات وزيادة الحد الأدنى للأجور إلى تقليل التفاوت في الأجور، فإن بإمكانهما أيضا رفع معدلات البطالة، وذلك بالحفاظ على الأجر في مستوى أعلى من مستويات "توازن الأسواق"، ما يؤدي إلى زيادة في عدم المساواة في إجمالي الدخل. إلا أن الدعم التجريبي لهذا الفرضية ليس قويا للغاية، على الأقل في نطاق الترتيبات المؤسسية المشاهدة في الاقتصادات المتقدمة. "راجع دراسات Betcherman, و 2012Baker and others, 2004 وFreeman, 2000 وHowell, and others, 2007 و" OECD, 2006. وعلى سبيل المثال، أجرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مراجعة شملت 17 دراسة ووجدت أن ثلاث دراسات فقط منها تخلص إلى وجود ارتباط قوي بين كثافة الاتحادات أو تغطية التفاوض وزيادة البطالة الكلية... يتبع.

مشاركة :