إن الاستجابة للصدمات يمكن التعرف عليها بصورة أفضل على الفروق بين الأقاليم، كما تحلل دراستنا آثار صدمات التجارة والتكنولوجيا في البطالة والهجرة في الأقاليم المختلفة. ونخلص إلى أن صدمات التجارة -أي زيادة منافسة الواردات في الأسواق الخارجية- لا تترك آثارا كبيرة في متوسط البطالة في الأقاليم، سواء على المستوى الكلي أو بالنسبة إلى الأقاليم المتأخرة على وجه التحديد. وبينما يغلب على هذه الصدمات تخفيض المشاركة في سوق العمل بعد مرور عام، فسرعان ما يتلاشى هذا الأثر. وقد تكون هذه النتائج المستخلصة مثيرة للدهشة بالنسبة إلى من يرون التجارة الدولية قوة مربكة لنمو الأقاليم على وجه الخصوص. غير أن التكنولوجيا قصة مختلفة. فتحليلنا يخلص إلى أن صدمة التكنولوجيا السلبية التي تقاس بهبوط تكلفة الآلات والمعدات ترفع معدلات البطالة في كل الأقاليم الأكثر تعرضا للأتمتة، لكن الأقاليم المتأخرة تتضرر بدرجة أكبر. ويفيد بحثنا أيضا أن الأقاليم المتأخرة المعرضة للأتمتة تشهد هبوطا إحصائيا في عدد المغادرين بعد الصدمة. ويشير هذا إلى أن الخروج بحثا عن فرص عمل أفضل يشكل صعوبة أكبر بالنسبة إلى عمال هذه الأقاليم مقارنة بعمال الأقاليم الأخرى. فهناك عقبات تعوق تكيف العمالة مع صدمات التكنولوجيا في الأقاليم المتأخرة. إن التركيز على البشر والأماكن والسياسات التي تخفض التشوهات وتشجع على زيادة انفتاح الأسواق ومرونتها، يساعد الأقاليم على الحد من ارتفاع البطالة ومواجهة الصدمات وتحسين إعادة توزيع العمالة ورأس المال. ويمكن أن تساعد في هذا الصدد أيضا سياسات العمل الرامية إلى إعادة تدريب العمالة المسرحة والتعجيل بإعادة توظيفها، خاصة في الأقاليم المتأخرة. ويمكن لأسواق المنتجات الأكثر انفتاحا -عن طريق تخفيض الحواجز أمام دخول هذه الأسواق وزيادة الانفتاح التجاري- أن تسهل حركة رأس المال إلى الأقاليم والشركات التي تدر عائدا أعلى. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز جودة التعليم والتدريب للتكيف مع عالم العمل المتغير -وهي توصية أساسية في كل الأدبيات المختصة- يمكن أن تعود بالنفع الأكبر على الأقاليم المتأخرة التي ترتفع فيها معدلات البطالة. وأخيرا، من الممكن أن يكون هناك دور في هذا الصدد لسياسات المالية العامة التي تهدف إلى تضييق الفجوات بين الأقاليم، كالتي تستهدف تقديم دعم من المالية العامة للأقاليم المتأخرة وبرامج تيسير انتقال العمالة إلى أماكن أخرى وإلى توفير هوامش أمان لمواجهة الصدمات التي تتعرض لها الأقاليم. لكن هذه السياسات الموضعية يجب تصميمها بدقة كي تكون عاملا مساعدا وليست معوقا أمام التكيف.
مشاركة :