كلما وجهت نقدك إلى المدافعين عن الزيادة السكانية بوصفها عبئا على الدولة وعائق أمام عجلة التنمية يرد عليك كثير من هؤلاء المدافعين بالتبرير الفيسبوكي الشهير "الصين عدد سكانها مليار ونص واقتصادها الأكبر في العالم".في الحقيقة أن هذا القول يحيلك مباشرة إلي أن الحكومة الصينية تشجع الزيادة السكانية كونها تساهم في رفع معدلات النمو ، وهذه هي المغالطة.فإذا كانت الجملة المعطاة صحيحة إلا أن الإحالة الذهنية التي تنبني عليها غير صحيحة ولنا في ذلك وقائع أود سردها علي سبيل التصحيح .الصين هي الاقتصاد الأعلي نموا علي مستوي العالم خلال الثلاثين سنة الماضية بمعدل نمو بلغ 10 % سنويا ما وضعها في المرتبة الثانية في ترتيب اقتصادات العالم .الصين لم تكن كذلك حتي مدة قريبة وبالتحديد حتي منتصف القرن الماضي كانت لا تزال من أفقر دول العالم .من الاسباب الرئيسية لتقدم الصين ليس الزيادة السكانية بل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لخفض معدل النمو السكاني .عام 1956 أعلن رئيس الوزراء الصيني أن الزيادة السكانية تأخذ معدلا لم يعد مقبولا ما دفع الاتحاد الديمقراطي للنساء الصينيات للقيام بحملة واسعة لتحديد النسل .أعلنت الصين بعد الحملة المذكورة حملتين أخرتين عام 1962 و عام 1971 .لم تؤت أي من هذه الحملات أكلها وظل النمو السكاني آخذا في الارتفاع بما يقوض أي نمو اقتصادي ممكن الحصول .اضطرت الحكومة الصينية إلي القيام بالحملة الرابعة التي اتسمت بنوع من الجبرية في عام 2001 حملة "أسرة الطفل الواحد" التي أدت الي سن قانون يسمح للاسرة بإنجاب طفل واحد فقط في المدن وطفلين في الريف علي ان يكون بينهما عدد معين من السنوات .آتت التجربة الاخيرة ثمارها ففي عام 2008 انخفض معدل الزيادة الي 0.5 % ووصل هذا العام الي 0.4 % في الوقت الذي بلغ فيه معدل النمو الاقتصادي 6.9 % .بالمقارنة مع مصر لا نجد فرقا كبيرا في معدلات النمو الاقتصادي ففي مصر بلغ آخر معدل نمو اقتصادي 5.6 % مع توقعات بزيادة كبيرة العام القادم غير أن معدل النمو السكاني يمثل تباين مهول فيبلغ في مصر 2.5 % أي أكثر من ستة أضعاف المعدل الصيني .إن معدل النمو الاقتصادي هو القاطرة التي تجر الاقتصاد كاملا للأمام غير أن هذه القاطرة تجرها معدلات النمو السكاني المرتفعة للوراء في نفس الوقت فلا يشعر قاطنو القاطرة بأي حركة تذكر .
مشاركة :