استمر السودان في حالة ترقب ينتظر الإعلان عن تشكيل حكومته الانتقالية الجديدة، التي تعد الأولى بعد إسقاط حكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير الذي ظل يحكم السودان 30 عاماً. وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» إن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مازال يواصل مشاوراته لتشكيل حكومته، التي كان مقرراً أن يعلنها أمس الأول، وتتكون من 14 وزارة و5 مجالس وزارية مدنية، بالإضافة إلى وزارتي الداخلية والدفاع اللتين يبت فيهما العسكريون في مجلس السيادة. وذكرت المصادر أن حمدوك ربما يستغرق وقتاً أطول من مهلة الـ48 ساعة، وأنه قد يعلن حكومته غداً السبت، مشيرة إلى أن حمدوك تحفظ على بعض الأسماء التي رشحتها قوى الحرية والتغيير. فيما اعتبرت قيادات بقوى الحرية والتغيير في تصريحات لـ«الاتحاد» أن تأني حمدوك في اختيار حكومته أمر طيب، وأن المصلحة تقتضي إعطاء حمدوك الوقت الكافي لتشكيل الحكومة. وذكرت مصدر مطلعة لـ«الاتحاد» أن حمدوك يرغب أن يكون تمثيل المرأة في حكومته بخمس حقائب وزارية بينها وزارة سيادية. وفي هذه الأثناء، تقدمت شخصيات عامة سودانية بمذكرة لقوى الحرية والتغيير، أرسلت نسخة منها لحمدوك، طالبت فيها بتغطية ما أسمته النواقص في الترشيحات الوزارية التي قدمتها قوى التغيير لرئيس الوزراء. وقالت هذه الشخصيات إن العدالة في التمثيل يجب أن تشمل بالإضافة إلى ضمان مشاركة عادلة للنساء، فئة الشباب من الجنسين، بالإضافة للتمثيل العادل للأقاليم، لأن هذا الأمر يفتح أبواب السلام الاجتماعي والنظر لمشكلات السودان بمنظار كلي. وقال الدكتور إبراهيم الأمين، نائب رئيس حزب الأمة القومي والقيادي بقوى الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد» إن التأخير في تشكيل الحكومة وفقاً للجدول الزمني المحدد مفهوم ومبرر، بالنظر إلى المواصفات المطلوبة في شاغلي هذه الوظائف من الكفاءة والاستقلالية والنزاهة، لأننا نريد الفترة الانتقالية مرحلة تأسيس. وأوضح أن لرئيس الوزراء كامل الصلاحيات في اختيار وزرائه، وأنه للأسف الشديد حدثت أخطاء في عملية الترشيح من قبل قوى الحرية والتغيير، ما أثار جدلاً واسعاً بشأن ترشيحاتها، وبالتالي فإن التأخير في تشكيل الحكومة لقوى الحرية والتغيير دور فيه، مشيراً إلى أن الشعب السوداني كله ينتظر تشكيل الحكومة سريعاً، لكن الجميع يأمل أن يعالج هذا التأخير بعض النقاط التي بدأ الرأي العام السوداني يتحدث عنها. وأضاف أن المجتمع السوداني مترابط، وأصبح يتمتع بدرجة من الوعي بما يحيط بالسودان من تحديات ومشاكل، كما أن السودان بلد مفتوح يكاد أي شخص يتقدم فيه لأي موقع يعرف الناس كل صغيرة وكبيرة عنه، وبالتالي فإن التسريبات التي تمت أدت لانتقادات، لأن الاختيارات لم تتم بالصورة المطلوبة، ربما لأن الشعب السوداني في ظل الثورة أصبح يرفض أي مسار يشتم منه انحراف عن الثورة. وكان ناشطون ومدونون سودانيون قد اعترضوا على بعض الترشيحات التي تم تسريبها، ونشر بعضهم اسم انتصار صغيرون إحدى المرشحات لتولي وزارة السياحة والآثار، وقالوا إنها كانت مرشحة حزب الرئيس السوداني المعزول عمر البشير في انتخابات 2015. وقالت مصادر مطلعة إن الفحص الأمني أبعد بعض المرشحين للوزارات بسبب مشاركتهم في النظام السابق. وقال مبارك أردول الناطق السابق باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان إن قائمة المرشحين للوزارات رغم وجود كوادر مقتدرة بها، إلا أن الخلل فيها يتمثل في غياب التمثيل الجغرافي والمناطقي لكل أقاليم السودان، وأن قائمة الترشيحات تكاد تمثل مناطق معينة في السودان. ومن جانبه أكد الفريق ياسر العطا عضو المجلس السيادي إن المجلس يواصل اتصالاته مع الحركات المسلحة والجبهة الثورية بشأن تحقيق السلام في السودان، وقال إن الحكومة سترسل وفداً مدنياً عسكرياً للحوار مع الحركات المسلحة بعد تشكيل الحكومة الجديدة، مؤكداً أن السلطة الانتقالية تولي ملف السلام وإنهاء الحرب أولوية قصوى، ولن تكون هناك حرب مرة أخرى. وعلى صعيد آخر، أعلن السفير بابكر الصديق الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية أن هيكو ماس وزير الخارجية الألماني سيزور السودان في الثالث من الشهر المقبل، وهي الزيارة الأولى لوزير خارجية ألماني منذ عام 2011، ويرافقه وفد رفيع المستوى يضم 30 شخصاً. وقال الصديق إنه من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الألماني خلال الزيارة بكل من رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء. وأضاف أن هذه الزيارة تعتبر أول زيارة لمسؤول أوروبي رفيع للخرطوم بعد توقيع وثائق الفترة الانتقالية وتشكيل مؤسسات الحكومة الانتقالية. ومن ناحية أخرى أعرب قوي أيوب الممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية عن سعادته للعمل مع الحكومة الجديدة ومجلس السيادة في السودان، وقال أيوب خلال لقائه عائشة موسى عضو مجلس السيادة السوداني أمس إن مكتب الأمم المتحدة بالسودان مستعد لدعم التمثيل العادل للمرأة السودانية في جميع المستويات والمجالات. وعلى صعيد آخر أكد ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان والقيادي بالجبهة الثورية أهمية أواصر المحبة والإخوة والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين دولتي السودان، السودان وجنوب السودان فضلاً عن التاريخ المشترك والذاكرة الواحدة. جاء ذلك خلال زيارة عرمان لمركز جوبا الثقافي بعاصمة جنوب السودان، التي أكد خلالها أهمية العلاقات الثقافية والاجتماعية والوجدان المشترك بين شعبي الدولتين.
مشاركة :