الفصل بين وجاهة التعليق وسفاهة التلفيق | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 4/24/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

خصُوصيّات المُجتَمع السّعودي لَا أَوّل لَها، ولَا آخر، وكُلّ يَوم أكتَشف خصُوصيّة جَديدة؛ لَم أَكُن أَعرفها، وآَخر هَذه الخصُوصيّات التي أَهتمُّ بهَا، وأعتَني بدرَاستها، هي خصُوصيّة التَّعليق عَلى الأشيَاء، والكَلَام عَنهَا، وحَولها، وفِيها، مِن دُون قِرَاءتها، أو مُشَاهدتها.. وقَد عَوّدتكم دَائمًا بأنْ أَطْرَح الفِكْرَة، ثُمَّ أَضرب لَها الأمثِلَة، حَتَّى تَستقيم الأمُور، وتَتَّضح المسَائِل..! إليكُم المَثَال التَّالي: حِين أَضَع في «تويتر» رَابط إحدَى كِتَاباتي؛ في هَذه الجريدَة الغرّاء، ويَكون -مَثَلاً- عِنوَان الكِتَابة: «يَا طَالِبَ السَّعَادة إليكَ الاستزَادَة».. بَعد وَضع الرَّابِط يُعلِّق البَعض، مُكتفيًا بقِرَاءة العنوَان، ولَا يَدخل إلَى صُلب الكِتَابة..! ولَو سَألتموني: كَيف عَرفت بأنَّه لَم يَدخل؟ سأَقول لَكُم بأنَّ الأَمْر لَا يَحتَاج إلَى عَبقريّة عَرفجيّة، لأنَّ مَا كَتبه في تَعليقه يَفضح ذَلك، فمَثلاً تَجده يَقول: «إنَّ السَّعَادَة لا تُشترَى بالمَال»، ولَو دَخَل إلَى رَابِط الكِتَابة؛ كَان سيَكتَشف مِن تِلقَاء نَفسه أنَّني رَكّزت -فعلاً- في كِتَابتي عَلى أنَّ «السَّعَادَة لا تُشترَى بالمَال»..! إنَّني أَدعو إلَى المُشَاركة، والتَّفَاعُل، واحترَام الرَّأي الآخَر، ولَكن بَعد قِرَاءة الشّيء، وتَأمّله، وتَدبّره، ومُحَاولة فَهمه.. أمَّا أنْ نَرُد عَلى عِنوَان الرَّابِط فَقط، دون فَتح المَربُوط، فهَذا يَكشف أُولئك الذين يُحبّون التَّداخُل والرّدود بدَاعٍ، وبغَير دَواعٍ..! إنَّ مُحاورة الشّيء، والتَّداخُل مَعه، بَعد قرَاءته واستيعَابه، ظَاهرة صحيّة، تَجعل المُشارِك مُحتَرِمًا لِذَاتهِ، وتَجعل صَاحب الكِتَابَة يَشعر بالسّعادة، لأنَّ هُنَاك مَن يَتفَاعل مَعه، أمَّا إذَا جَاء التَّفَاعُل مِن غَير قِرَاءة، فهو مُجرّد استعرَاض يَدلّ عَلَى «الاستعبَاط» و»الاستدلَاخ»..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أُؤكِّد عَلى أَهميّة قِرَاءة النّصوص قَبل نَقدها، ومُشَاهدة المَقَاطِع قَبل التَّعليق عَليها، ومَن يُعلّق عَلى شَيء قَبل قِرَاءته، فهو إمَّا مُنجّم أو عَرّاف، أو شَخص يُجيد الفَهلوة واللّف والدّورَان..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :