إبراء الذمّة بفصل الثناء عن المذمَّة | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 11/20/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نَحنُ قَومٌ بُخلَاء بالكَلَام الجَميل، وكُرمَاء في النَّقد والكَلَام القَاسي، ويَكفي أنَّنا نَستشهد دَائمًا في مَجالسنا؛ بأنَّ مَدْح الرَّجُل في وَجهه مَذمَّة.. هَذا فِيمَا يَخصُّ الرِّجَال، أمَّا مَا يَخصُّ الزَّوجَات، فإنَّ الأزوَاج يُوصي بَعضهم بَعضًا، بأنْ لَا يُظهر حُبّه لزَوجته؛ حتَّى لَا «تشوف نفسها» عَليه..! بُخْلنَا بالكَلَام الجَميل، وإبدَاء مَظاهر المَودّة لمَن نُحبّ، جَعلني أبحَث عَن بَعض المَخَارج والعِلَاجَات؛ لمِثل هَذه الظَّاهِرَة، التي تزيد الجَفَاف العَاطفي بَيننا، وتُضَاعِف مِن فَقر وأنيميَا الحُبّ..! وقَبل أنْ نَدخُل في السِّيَاق الاجتمَاعي، عَلينَا أنْ نُؤصّل الفِكْرَة مِن مَنظور شَرعي، حَيثُ أفرَد «الإمَام البُخاري» بَابًا في كِتَاب «ريَاض الصَّالحين»، سَمَّاه «بَاب كَراهة المَدح في الوَجه، لمَن خِيف عَليهِ مَفْسَدة»، أَورَد فِيهِ أحَاديث كَثيرة، مِنهَا أنَّ أبَا موسى الأشعَري -رَضي الله عَنه- قَال: (سَمع النَّبي -صلَّى الله عَليه وسَلّم- رَجُلاً يُثني عَلى رَجُل، ويُطريه في المَدح، فقَال: «أَهلكتم -أو قَطَّعتم- ظَهر الرَّجُل». مُتفقٌ عَليه). ومِثل هَذا التَّحذير، يُوجَّه لأُولئك الذين لَا يَفهمون مَعنَى المَدح، فإذَا مُدحوا، تَغيّرت نفُوسهم، وأصَابهم الكِبر والغرُور..! إنَّ النَّفس البَشريّة ميّالة إلَى سَمَاع الكَلَام الطيّب، والتَّشجيع، والقَول المُحفّز، وقَد كَان الرَّسول -صلّى الله عَليه وبَارك- يُشجّع هَذا، ويُدعم ذَاك، ويُحفّز الثَّالِث، بَل إنَّه حَثّ عَلى التَّصريح بالحُبّ، وإعلَانه للمَحبوب، حَيثُ قَال نَبيّ الرَّحمَة: (إِذَا أحَبّ أحدُكُم أخَاهُ في الله فليُعْلمه، فإنّه أبقَى في الأُلفَة، وأثبَتُ في المَودّة)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نَصرخ بأعلَى الصَّوت، ونَقول: يَا قَوم، أَعلنوا الحُبّ لَا الحَرب، وامتَدحوا النَّاس بِمَا فِيهم مِن فَضَائل وأخلَاق، وانثرُوا المَدح باعتِدَال، واتّبعوا نَظرية الأديب «تشارلز ديكنز» التي يَقول فِيهَا: (لَيس مِن طَبيعتي أنْ أُخفي أي شَيء عَمّن أتعلَّق بِهم، فلا أَستطيع أبدًا أنْ أُغلق فَمي حَيثُ فَتحتُ قَلبي)..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :