يترقب السودانيون الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة برئاسة عبدالله حمدوك دون أن يعرفوا السبب الحقيقي للتأخير، فقد كان نهاية أغسطس موعد ولادتها طبيعيا وفقا للجدول الزمني المتفق عليه بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، ثم فوجئوا بأنها دخلت غرفة العمليات للولادة قيصريا. وأجرى حمدوك، الأحد، المزيد من المشاورات مع قوى الحرية والتغيير للتوافق حول تقديم مرشحين جدد في بعض الوزارات، حسب شروط صارمة وضعها واستجابت لها القوى المدنية. وانتقد زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، الأحد، الطريقة التي تم بموجبها وضع أسماء وزراء الفترة الانتقالية، قائلا “الترشيحات أظهرت تكرارا لذات المنهج السابق”. وربطت مصادر سودانية لـ”العرب”، تأجيل إعلان الحكومة بتصميم حمدوك على فصل بعض الوزارات التي يدخل فيها أكثر من اختصاص، ودمج المجالس الوزارية الخمسة المقترحة ضمن الوزارات لعدم وجود نص ينظم عمل تلك المجالس في الوثيقة الدستورية. وأوضحت أن رئيس الحكومة لديه رغبة في وجود تمثيل أوسع للمرأة، حيث اكتشف أن نسبتها أصبحت قليلة بعد الانتهاء من مسألة الاختيارات التمهيدية. وأدى التأخير إلى الحديث عن شرخ خفي بين حمدوك وقوى الحرية والتغيير قد يكون بداية لدحرجة كرة ثلج بينهما، فقد رسخ في عقل قطاع كبير من المواطنين أن رئيس الحكومة لم يكن مقتنعا بالقائمة التي قدمت إليه. في المقابل قالت مصادر لـ”العرب”، إن التأخير له أسباب موضوعية تتعلق بفرز الأسماء المرشحة على أساس الأكثر كفاءة ونزاهة وتنوعا، واستيفاء التحريات الأمنية كي لا يتورط أحد في اختيار شخصية عليها علامات استفهام. حمدوك لمس في بعض الشخصيات المرشحة رغبة عارمة في الوصول إلى المنصب بأي ثمن، ما يعيق عمل الحكومة التي تتطلب وزراء لديهم قدرة على مواجهة المشكلات وليس التمتع بمزايا المنصب وأكد الباحث السوداني حامد التيجاني لـ”العرب”، أن رغبة حمدوك في اختيار شخصيات لديها كفاءة إدارية عالية وتجيد التعامل مع البيروقراطية الحكومية دفعه إلى الاعتراض على بعض الأسماء المرشحة، لأنه ينظر إلى منصب الوزير بأبعاده السياسية وليست الفنية فقط.. وأوضح أن القائمات التي قدمتها قوى الحرية خلت من التنوع اللازم على مستوى تمثيل كافة الفئات والأطياف السياسية والقطاعات والأقاليم، وتباين الخبرات. ولم تستبعد المصادر أن يكون التأخير له جوانب أخرى، بينها أن قناعة حمدوك بثوابت قوى الحرية والتغيير لن تلغي هامش الحركة بصورة مستقلة، “ليقطع الطريق على بعض الهمسات التي حاولت تمرير تلميحات بأنه رهين قرارها، واختياره جاء لتنفيذ أوامرها، لكن الرجل الذي تربى في الحزب الشيوعي السوداني لا يريد أن يضع نفسه موضع محاكمة سياسية مبكرا”. وذكرت المصادر أن حمدوك لمس في بعض الشخصيات المرشحة رغبة عارمة في الوصول إلى المنصب بأي ثمن، ما يعيق عمل الحكومة التي تتطلب وزراء لديهم قدرة على مواجهة المشكلات وليس التمتع بمزايا المنصب، كما أن تدخله بشكل موسع يعزز قدرته على محاسبة وزرائه خلال فترة عملهم لاحقا. وتواصلت “العرب” مع قيادات كبيرة في قوى الحرية والتغيير لمعرفة دوافع التأجيل، غير أنها رفضت الحديث عن التأجيل المتكرر، بينها قيادي كبير حضر جولات كثيرة من التفاوض مع المجلس العسكري، لكن حزبه انتقد الأداء العام، ما أكد أن هناك ارتباكا في صفوف الحرية والتغيير بشأن أعضاء الحكومة. واجتمع حمدوك وأعضاء من المجلس السيادي مع قيادات في قوى الحرية والتغيير، السبت، وأعلن عن ملاحظاته حول بعض الأسماء التي رفعت إليه، الثلاثاء الماضي، مؤكدا تمسكه بالتعاون مع الحرية والتغيير كمرجعية أساسية في تشكيل الحكومة، وتمت مناقشة التشكيل الوزاري وآليات التنسيق بين المكونات السياسية لإدارة المرحلة الانتقالية. وقال نورالدين صلاح الدين، القيادي بالحرية والتغيير لـ”العرب”، إن الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة قد يكون مع نهاية الأسبوع الجاري على أقصى تقدير. ولفت إلى أن التأجيل أمر لا خلاف عليه بين الطرفين، لكن التمادي فيه سيكون مضرا، وفي غير صالح عملية الالتزام ببنود الوثيقة الدستورية. ويصب التأجيل في صالح بعض القوى التي لم تكن مرتاحة لبعض الأسماء التي رفعت إلى حمدوك، واعتبرتها تستند إلى محاصصة خفية، تريد منها قوى الحرية والتغيير فرض هيمنتها على المشهد السياسي طوال الفترة الانتقالية. وكانت الجبهة الثورية، حثت حمدوك على رفض قائمة الأسماء التي قدمت إليه، ودعته إلى إجراء مشاورات مع جميع الأطراف قبل تكوين الحكومة الجديدة.
مشاركة :