ترتفع حظوظ تواجد الحكم الأجنبي في مباريات الدوري المحلي موسما بعد موسم، وشهدت المواجهات الحاسمة في الجولات الأخيرة حضورا لأسياد "القارة العجوز" مقارنة بنظيره المحلي، ولم يقتصر حضورهم في مباريات الكبار كلقاءات "الدربي" و"الكلاسيكو" بل تعداها إلى مباريات الأندية المهددة بالهبوط، وتجاوز المشهد ذاته إلى أندية دوري الأولى التي كانت تنافس على الصعود قبل ختام مباريات الدوري، ومطالبة مسؤوليها حينها بتواجد الحكم الأجنبي، في الأمتار الأخيرة من سباق الصعود. وهذه الظاهرة دقت المسمار الأخير في نعش التحكيم المحلي الذي بات يفتقد للثقة أكثر من أي وقت مضى، ولم تفلح المشاركات الخارجية الناجحة للحكم السعودي في استعادة بريقه محليا في ظل الضغوط الإعلامية والجماهيرية وعزوف الأندية عن منحه الفرصة لقيادة أهم مباريات الموسم الكروي. ولعل الأخطاء المتراكمة التي يشهدها التحكيم المحلي تتوازى كثيرا أو تقل عن أخطاء التحكيم الأجنبي بشهادة الكثير من المحللين، إلا أنها تصبح وتمسي تحت مجهر النقد والتقريع، وإتهامات إدارات الأندية، التي تصل لمراحل تهدد شخصية الحكم، واستعراض تاريخه في ارتكاب أخطاء مماثلة، بصنع مقارنات تبدأ ولا تنتهي إلا بإيقاف الحكم أو إبعاده!. لجنة الحكام باتت هي الأخرى أكثر إحراجا هذا الموسم، وهي تقف مكتوفة الأيدي، تشاهد تدفق الحكام الأجانب يغزون مباريات الدوري المحلي، من دون رسم استراتيجيات واضحة لتطوير التحكيم المحلي، وتعزيز الثقة في قدراته، لتكتفي بالتبرير وتسويق الأعذار المتشابهة المتكررة، والدخول في متاهات التراشق الإعلامي مع مسؤولي الأندية. إتحاد الكرة هو الآخر عليه من المسؤوليات ما عليه تجاه المستقبل المعتم للحكم المحلي، مع غياب المواقف الحازمة منه لحماية الحكام من سياط النقد، وتقويم الأخطاء المتكررة للجنة الحكام والحكام أنفسهم، في غياب الخطط المستقبلية لتأهيل الحكام المحليين، وإبراز الموهوبين منهم. ظاهرة استعانة الأندية بالحكام الأجانب ترتفع موسما بعد موسم، والثقة في الحكام المحليين تتضاءل في كل مرة، والحلول غائبة حتى إشعار آخر، والجماهير ومسؤولو الأندية لا يتحملون أخطاء الحكم المحلي حتى لو تساوت أو قلت عن أخطاء نظيره الأجنبي، والضحية فقط هو الحكم المحلي الذي بات نفسه يشعر بأنه يسير على حقل من الألغام في كل مباراة يقودها، إن قدر له الخروج منها سالما سيجدها أمامه تتكاثر في مباريات أخرى، مهما كان حضوره الذهني وتركيزه، لأن (زامر الحي لا يطرب).
مشاركة :