الشاهد كمن يسير في حقل ألغام يبحث اسنادا سياسيا لحكومته

  • 11/2/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد أشبه بمن يسير في حقل ألغام، ما أن ينجو من لغم حتى يجد نفسه أمام ألغام سياسية أخرى خاصة وأنه لايزال يتلمس طريقه لتأمين التناغم بين فريقه الحكومي والذي يبدو أقرب الى فريق محاصصة حزبية منه الى حكومة وحدة وطنية. وقالت مصادر مقربة من الحكومة التونسية، إن رئيس الوزراء يوسف الشاهد يقود جهودا لتوفير حزام سياسي وشعبي للفريق الحكومي بما من شأنه أن يرفع أداءه في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى أن كثافة النشاط الميداني للشاهد خلال الايام القليلة الماضية يأتي ضمن قناعة أن نجاح الحكومة يبقى رهين التأييد الشعبي. وأضافت أن "هناك اقتناع بأن الأحزاب السياسية المؤتلفة في الحكم لم تقدم إلى حد الآن الإسناد السياسي اللازم لحكومة الوحدة الوطنية على الرغم من خطورة التحديات وعلى الرغم من تعهدها بتوفير الدعم ليوسف الشاهد". وأشارت إلى أنه من المنتظر أن يبدأ رئيس الحكومة خلال الفترة القادمة سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع سياسيين ونقابيين ونشطاء في مسعى لحشد جهود القوى السياسية والمدنية لمعاضدة الحكومة التي تواجه أوضاعا معقدة. وخلال الأيام الماضية كثف الشاهد من نشاطه السياسي الميداني من خلال متابعة الجهود في مكافحة الجهاديين وظاهرة التهريب ومتابعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليقدم للرأي العام صورة رئيس الحكومة الذي يراهن على التفاعل مع المشاغل التي تؤرق التونسيين. ويرى محللون أن الشاهد نجح نسبيا في تمرير رسالة إلى الرأي العام مفادها أنه يمتلك من الإرادة السياسية والجرأة ما يجعله قادرا على مواكبة الأحداث لا ملاحقتها وأنه عازم على قيادة الجهود بنفسه بشأن التعاطي مع هشاشة الأوضاع بما يعزز الثقة في أداء الحكومة. غير أن سياسيين يقولون إن أهم تحد يواجهه رئيس الوزراء التونسي هو جعل الائتلاف الحزبي الحاكم متناغما ومتضامنا ويمتلك رؤية واضحة قادرة على تحرير القرار الحكومي من الارتهان لمواقف الأحزاب وتصوراتها وخياراتها المتباينة والتي ظهرت بأكثر وضوح خلال مناقشة قانون المالية. وقالت المصادر إن الأحزاب الـ7 المكونة للحكومة والنقابيين والشخصيات الوطنية لم تتوصل بعد إلى تذليل الصعوبات أمام رئيس الحكومة ومساعدته بالشكل اللازم خاصة وأنها لم تتوصل بعد إلى بلورة رؤية حكومية واحدة وموحدة في إطار خارطة طريق تنموية وسياسية. وأكدت أن السياسات التي أعلنها الشاهد خاصة بشأن معالجة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية لن يكتب لها النجاح ما لم تتحل القوى السياسية والمدنية بروح المسؤولية وتتفهم التعقيدات التي تواجهها البلاد بعيدا عن الحسابات الحزبية والمطلبية. وفي الوقت الذي يحاول فيه الشاهد إقناع التونسيين بأن سياسة التقشف التي أعلنها سابقا تعد المخرج الوحيد للمأزق الاقتصادي، سوقت الأحزاب السياسية لخطاب سياسي غامض لم يقدم الإسناد اللازم لحكومة بدت وكأنها تواجه الملفات الحارقة. ويكشف المشهد السياسي الراهن في تونس عن تناقضات في المواقف حت داخل الحزب الواحد. وبدا موقف حركة النهضة الاسلامية الشريكة في الائتلاف الحكومي (حكومة الوحدة التي هي أقرب الى حكومة المحاصصة الحزبية) أكثر غموضا والتباسا مع اطلاق مواقف متناقضة وعامة في اسنداها جهود الحكومة. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد لوح بعيد تشكيل حكومة الوحدة بسحب الثقة من حكومة الشاهد اذا لم يطبق وثيقة اتفاق قرطاج بما تضمنته من مطالب بتحقيق نمو اقتصادي واخراج البلاد من أزماتها السياسية والاجتماعية. وكانت النهضة قد عجزت حين قادت الائتلاف الحكومي المسمى الترويكا في مناسبتين بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، قد عجزت طيلة فترة حكمها عن معالجة الأزمة الاقتصادية بل إنها واجهت اتهامات بإرباك الوضع العام في البلاد. ويتحرك الشاهد لتنفيذ حزمة الاصلاحات الاقتصادية ومقترحا بتجميد الزيادة في أجور القطاع العام، إلا أنه واجه أول اختبار في مسيرة اصلاحات يبدو أن استكمالها بعيد المنال. وقد عارض اتحاد الشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد إلى جانب الجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية) مقترح تجميد الأجور واجراءات التقشف التي تمس جيب المواطن ومقدرته الشرائية، وطالباه بأن يركز على مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واصلاح قطاع الجباية. ويخشى الشاهد أن تتسلل ضبابية مواقف الأحزاب السياسية الشريكة في الحكم ورفض كل من اتحاد الشغل والجبهة الشعبية للسياسات التي أعلنها. وقد يؤثر ذلك على اداء حكومته. وازاء العقبات التي يواجهها، من المنتظر أن يعقد الشاهد سلسلة مشاورات مع قيادات من الأحزاب المشاركة في الحكم ومن المعارضة ومن اتحاد الشغل لتهدئة الجبهة الاجتماعية والتخفيف من حدة الاحتقان بما يضمن السلم الأهلي في تونس.

مشاركة :