سيطرت قوات معارضة للنظام السوري بشكل كامل، السبت، على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في شمال غرب سوريا، في ضربة موجعة للنظام قد تكون مقدمة لتهديد معاقل اخرى اساسية له. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن: سيطرت جبهة النصرة وكتائب اسلامية السبت على مدينة جسر الشغور بشكل كامل، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام استمرت منذ الخميس. وذكر المرصد ان هناك ما لا يقل عن ستين جثة لعناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ضباط في شوارع المدينة، وقد قتلوا خلال المعارك التي أدت الى السيطرة على المدينة. واشار الى دخول آلاف المقاتلين الى المدينة وانسحاب العدد الاكبر من قوات النظام، والى استمرار الاشتباكات في نقاط محددة جنوب جسر الشغور وشرقها. وكان جيش الفتح، وهو تحالف يضم جبهة النصرة ذراع القاعدة في سوريا وفصائل اسلامية مقاتلة ابرزها حركة احرار الشام، اعلن الخميس بدء معركة النصر الهادفة الى تحرير جسر الشغور. وتحولت جسر الشغور عمليا الى مركز اداري للنظام السوري بعد انسحاب قواته في 28 مارس من مدينة ادلب، مركز المحافظة، اثر هجوم لـجيش الفتح الذي اعلن تأسيسه قبل غزوة ادلب كما اسماها. ورأى عبدالرحمن ان جسر الشغور اكثر اهمية من مدينة ادلب؛ لأنها تقع على تخوم محافظة اللاذقية ومناطق في ريف حماة الشمالي الشرقي خاضعة لسيطرة النظام. وبات وجود النظام في محافظة ادلب يقتصر على مدينة اريحا (على بعد حوالى 25 كيلو مترا من جسر الشغور)، ومعسكر المسطومة القريب منها، بينما مجمل المحافظة بين ايدي مقاتلي المعارضة ولا سيما جبهة النصرة. وقال الناشط من تنسيقية الثورة السورية في ادلب خالد دحنون عبر الانترنت: ان جسر الشغور محررة بالكامل، مشيرا الى ان مدينة اريحا محاصرة بالكامل (...) ومعسكري المسطومة والقرميد محاصران. ونشر احد الحسابات الرسمية لجبهة النصرة على موقع تويتر صورا لمقاتلي النصرة وهم يتجولون أو يجلسون الى جانب طريق في جسر الشغور المحررة، مع اسلحتهم الخفيفة. كما بدت في الصور اعلام لجبهة النصرة مرفوعة على آليات وابنية. النظام يعترف وأقر الاعلام الرسمي السوري بانسحاب قوات النظام من جسر الشغور. ونقل التليفزيون الرسمي في شريط اخباري عاجل عن مصدر عسكري ان وحدات من قواتنا الباسلة تعيد بنجاح انتشارها في محيط جسر الشغور تجنبا لوقوع ضحايا في صفوف المدنيين الابرياء. واشار الى ان المسلحين تدفقوا من تركيا للمشاركة في معركة جسر الشغور. واضاف: ان قواتنا الباسلة تعزز مواقعها الدفاعية وتوجه ضربات مركزة على تجمعات الارهابيين وخطوط امدادهم في جسر الشغور. وخسر النظام خلال الاسابيع الماضية العديد من مواقعه، ابرزها مدينة ادلب، ومعبر نصيب الحدودي في الجنوب. وقال مسؤول سياسي في دمشق رفض الكشف عن اسمه لفرانس برس: انه هجوم كبير يحصل بناء على دعم دول اقليمية تدعم المعارضة السورية، مضيفا: ان الهدف منها ان يصل النظام في موقع ضعيف الى مفاوضات جنيف. واعلنت الامم المتحدة الجمعة ان مبعوث الامم المتحدة الى سوريا الايطالي السويدي ستافان دي ميستورا سيبدأ في الرابع من مايو في جنيف مشاورات منفصلة مع اطراف النزاع السوري. وقال المتحدث باسم الامم المتحدة احمد فوزي: ان هذه المشاورات التي سيشارك فيها ممثلون عن الاطراف المدعوة وخبراء ستستمر بين اربعة وستة اسابيع، وستجري في مقر الامم المتحدة. من جهة اخرى، قال الناطق باسم جيش الإسلام والجبهة الإسلامية النقيب إسلام علوش: إن عشرات من عناصر قوات النظام والميليشيات الأجنبية التي تساندها أسروا، خلال المعارك في مدينة جسر الشغور. وقال علوش: إن الفرقة الأولى الساحلية استهدفت رتلاً لقوات النظام، أثناء انسحابه من مدينة جسر الشغور نحو معسكر جورين في سهل الغاب بحماة، ما أوقع قتلى وجرحى في صفوفهم. واستهدف الطيران الحربي بالقنابل العنقودية مدينة جسر الشغور عقب انسحاب قواته منها، كما شنّ غارتين على بلدة كورين، وغارة على مدينة سرمين، دون ورود أنباء عن إصابات. معركة اللاذقية وشهدت جسر الشغور في بداية الانتفاضة السلمية ضد نظام بشار الأسد تظاهرات حاشدة قمعت بالقوة. وشهدت ايضا العملية العسكرية الاولى الكبرى التي نفذها مقاتلون معارضون، وكانوا في غالبيتهم من الجنود المنشقين، في يونيو 2011. اذ هاجموا مقار ومراكز قوات النظام والشرطة بإطلاق النار والمتفجرات، واوقعوا 140 قتيلا في صفوفها. إلا ان قوات النظام استعادت السيطرة سريعا على مجريات الامور في المدينة. ويقول الخبير في الشؤون السورية تشارلز ليستر: ان سقوط جسر الشغور قد يمهد لهجوم على اللاذقية. وقد يكون ذلك امرا خطيرا جدا بالنسبة الى النظام. ويضيف: لا يجب ان ينظر الى هذه العملية على انها هجوم بسيط، بل على انها تندرج ضمن استراتيجية اكثر اتساعا. قصف ميدانيا ايضا، قصفت كتائب صقور الغاب وحركة أحرار الشام الإسلامية، بالرشاشات الثقيلة والقذائف، حاجز القاهرة التابع لقوات النظام في سهل الغاب بحماة، وسط أنباء عن إصابات في صفوف الأخيرة، حسب وكالة سمارت. واستهداف حاجز القاهرة أسفر كذلك عن تدمير دبابة، وتفجير مستودع للذخيرة. وقصفت حركتا صقور الغاب وأحرار الشام الحاجز تمهيداً لاقتحامه. بدورها، قالت الفرقة الأولى الساحلية في الجيش الحر لـسمارت: إنّ مقاتليها سيطروا على نقاط لقوات النظام في سهل الغاب، وقتلوا عدداً من عناصرها، كما استولوا على أسلحة وكمية من الذخيرة. في السياق، قصف مقاتلو تجمع العزة التابع لـالحر، بصواريخ غراد، مقرات قوات النظام في بلدة سلحب. بالمقابل، ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة، على قرى المنارة وجنى العلباوي والعنكاوي وقليدين والتلول الحمر، وتعرضت قرية العميقة لقصف مدفعي من حاجز القاهرة، فيما طال قصف مماثل قرية الحواش من حاجز النحل. إغلاق المعبر مستمر على صعيد آخر، أكد وزير الداخلية الأردني حسين المجالي أن بلاده ستستمر في إغلاق المعبر الحدودي القائم بين الأردن وسوريا على خلفية استمرار القتال قرب المعبر المذكور بين الجيش السوري الحر وجيش النظام السوري. وقال المجالي في تصريحات صحفية امس: إنه لا صحة لوجود مفاوضات مع النظام السوري لفتح معبر تجاري جديد بين الأردن وسوريا في مدينة السويداء المحاذية للأردن من جهة الشمال الشرقي، لافتا الانتباه إلى أن الحكومة الأردنية لم تتصل بالجانب الرسمي السوري، كما أن الحكومة السورية لم تتصل بنا حول هذا الموضوع، أو بخصوص معبر نصيب الخاضع تحت سيطرة الثوار.
مشاركة :