النجاح في كل شيء له حلاوة ومذاق مختلف، وبالنجاح يزداد الطموح والتفكير في الأفضل والابتعاد عن السلبي، ويعظم هذا النجاح متى ما انعكست فوائده على دائرة ومساحات متسعة من البلاد والعباد. أتكلم هنا عن نجاح حج هذا العام. إنه نجاح بكل المقاييس فاق ما تحقق في السنوات الماضية. الكل استشعر الفرق؛ لا حوادث تذكر. انسيابية في الحركة، لا تزاحم عند الرمي، عناية ومتابعة صحية متكاملة. كنا نعاني في السنوات الماضية من الجلوس في سياراتنا ساعات حتى نصل من عرفات إلى مزدلفة، وفي هذا العام استغرقت الرحلة خمس عشرة دقيقة فقط، وهنا تتجلى المقارنة. شيء آخر وهو الافتراش. صحيح انه لم يتم القضاء عليه بشكل نهائي ولكن كان هناك انخفاض ملحوظ، وقد كنت في الأعوام السابقة أرى المئات من هؤلاء المفترشين في طريق الملك عبدالعزيز، وفي هذا العام لم أر منهم أحدا بل رأيت شبابا من القطاعات الأمنية متوثبين لمنع أي حاج من محاولة وضع حاجياته والجلوس بجانبها. إنه التطبيق الأمثل للنظام وفرضه بالقوة الصارمة. عانينا سنوات طويلة من الذين يحجون بلا تصريح، وعانينا من المؤسسات الوهمية للحج والتي استغلت الآلاف وفي النهاية لم يجدوا من يؤويهم في المشاعر، وكانت أعداد هؤلاء تتجاوز المليون ويجدون من يقدم لهم العون في دخول المشاعر من ضعاف النفوس. هؤلاء الحجاج غير النظاميين يربكون حركة السير ويضعون العوائق أمام خطط الحج لكافة القطاعات والتي يتم إعدادها وتنفيذها وفق الأعداد التقريبية للحجاج النظاميين. مشروع توسعة المطاف الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- كان فاتحة خير على حج هذا العام، ولأجل تخفيف الزحام على الطائفين تم وضع تنظيمات جديدة وخفض أعداد الحجاج من الداخل والخارج، والأهم من ذلك الصرامة التي اتبعت في ضبط الأعداد وتطبيق مفهوم عبارة(لا حج بلا تصريح) وهو ما أكده في أكثر من مناسبة سمو الأمير خالد الفيصل رئيس لجنة الحج المركزية ودعمته حملات إعلامية مكثفة ساهمت فيها هيئة الإذاعة والتلفزيون بكل قنواتها ومحطاتها. وقد روى لي قائد قوة أمن الحج اللواء سعد الخليوي أنه في إحدى الحالات تم منع مئتي حافلة في ميقات السيل ممن لا يحملون تصاريح نظامية، وكانوا ممن غرر بهم من قبل مؤسسات وهمية. وتم أيضا اصطياد أعداد كبيرة من الحجاج غير النظاميين وهم يحاولون التسلل بين الجبال بالقرب من الطائف. كل هؤلاء المخالفين سعوديين وغير سعوديين يجب ألا تأخذنا فيهم لومة لائم من غرامات وإبعاد وفق ما نصت عليه الأنطمة. نجاح حج هذا العام سيفتح المجال واسعاً أمام الجميع للتعرف على أسباب هذا النجاح والاستفادة من التجربة في الأعوام القادمة. إشعاع الشمس لا يمكن لأحد أن يغطيه بغربال والتحدي أمامنا كبير وسهل لنؤكد أننا بلد قادر برجاله وإمكاناته على إنجاح الحج في كل عام. عند سلامي على سمو وزير الداخلية يوم العيد باركت له نجاح الحج وأثنيت على جهود القطاعات الأمنية فقال لي إنه جهد مشترك من جميع القطاعات. هنا نقول شكرا لكل من ساهم في النجاح ونتطلع إلى نجاحات متكررة في الأعوام القادمة، وطالما وضعنا اليد على الجرح المؤلم سيسهل علينا علاجه بإذن الله، ولينادي الجميع بالتطبيق الأمثل لجميع التعليمات وفرض العقوبات ولا تأخذنا في الحق لومة لائم.
مشاركة :