جميلة هي التغريدة.. كيف لا وهي مستمدة من صوت العصافير التي نطرب لسماعها في أوقات وأماكن كثيرة. هذه التغريدة دخلت عالم ( تويتر ) وأصبحت اللفظة التي يعبر من خلالها ملايين المغردين عمّا يجول في خواطرهم من بوح مشاعر وتعبيرات وردود على من سألهم. لا نتخيل كم تغريدة تجوب الآفاق كل لحظة، ولانتخيل كيف تتخطى هذه التغريدات الحواجز لتصل إلى كل متابع. هناك من يتبعه الملايين، وهناك من يتبعه القلة. السؤال هنا: ماذا تعكس هذه التغريدات ؟ وعن ما ذا تعبر؟ وهل هي من نتاج فكر ورأي المغرد وتعبير صادق عمّا يدور في خاطره من مشاعر وأحاسيس، أم هي استجابة لردود وتساؤلات يطرحها هذا وذاك ؟ أعتقد أننا متفقون على أن كل ذلك صحيح في عالم التغريد في (تويتر)، ولكن التساؤل هو لماذا يُحَمِّل البعض التغريدات أكثر مما تحتمل، ويحاول إقناع الآخرين بتفسيراته ويواصل كتابة تعليقات تعبر في مجملها عن سوء فهم أو قصدٍ للانتقاص واللوم. منذ أيام كتبت تغريدة قلت فيها ( بعد أن اعتدنا إجازة الجمعة والسبت جدير بنا أن نكون أكثر انفتاحاً لتقبل كل جديد مما كنا نستصعب التعامل معه، وبما لا يتعارض مع القيم والثوابت) ما قصدته في هذه التغريدة لا يتعدى المفهوم العام لكلماتها من أن الإنسان في البداية قد يستصعب بعض الأمور قبل تجربتها ولكن مع الأيام يعتاد عليها وتصبح سهلة ميسرة له. البعض _ هداهم الله _ حمّل كلامي أكثر مما يحتمل وقال ( تصريح خطير. هل من معلومات عن أمر وشيك بالسماح للمرأة بقيادة السيارة) وقال آخر (إذا أنت منفتح لتقبل كل شيء هذا راجع لك .. غيرك متمسك بالدين كالقابض على الجمرة) وقال ثالث (أظن أن الدكتور يقصد السماح للعائلات بدخول الملاعب الرياضية...) كم تمنيت أن يناقشني أحد في مفهوم تقبل الجديد، وهل مجتمعنا في المملكة من السهل عليه أن يتقبل كل شيء، وهل هناك فرق بين منطقة وأخرى أو بين مجتمع وآخر. هذه نماذج مما قيل، وغيرها كثير، والسؤال هنا: لماذا نتعسف في تفسير ما يكتب وبما يضع العقبات أمام كل محاول للتغريد في أُفق رحبٍ مليء بالفكر والرأي يسوده الود والتسامح وحب الخير للآخرين. مثل هذه الردود والمواقف تجعلني، وغيري من المغردين، نتوقف طويلاً أمام كل ما نكتب، ونتساءل كل لحظة: هل يمكن أن يفسر البعض كلامنا بكذا أو كذا، وفي النهاية قد نتقوقع داخل أنفسنا، ويبقى الفضاء متاحاً لأفراد لا يهمهم ما يقال مادام يجلب الشهرة لهم وإن كان ذلك على حساب الإساءة للمجتمع أوالوطن.