هذا المقال بقلم محمد المنشاوي، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN لم تشهد العلاقات الأمريكية الخليجية العسكرية إلا النمو منذ بدء ربيع العرب عام 2011، وقبل ذلك عرف الخليج وجودا عسكريا أمريكا واسعا عقب غزو العراق للكويت عام 1990 وقيادة الجيش الأمريكي لعملية تحرير الكويت. ويبقى اليوم آلاف العسكريين الأمريكيين داخل الكويت في عدة معسكرات أهمها معسكر الدوحة ومعسكر عريفجان. ومكثت قوات أمريكية في قواعد عسكرية أمريكية بالسعودية أهمها "قاعدة الامير سلطان" قبل أن تنتقل لقاعدة "العديد الجوية" في دولة قطر عام 2003 والتي تستضيف بدورها أيضا قاعدة السيلية العسكرية والتي كانت مركزا هاما للعمليات العسكرية أثناء الحرب على العراق عام 2003. كما تستضيف البحرين الأسطول الخامس الأمريكي الذي يعد الذراع البحرية الأمريكية في منطقة الخليج العربي وبحر العرب وبحر عمان والبحر الأحمر والساحل الشرقي لأفريقيا. ويضم الأسطول إضافة لعدد كبير من القطع البحرية وحاملة الطائرات أعدادا ضخم من الطائرات المقاتلة والمروحيات، إضافة لما يقرب من 20 ألف جندي أمريكي. أما دولة الإمارات فقد وقعت عام 1994 مع الولايات المتحدة اتفاقية تعاون أمنية بقى بمقتضاها 5 ألاف عسكري أمريكي متمركزون قرب ميناء جبل على وقاعدة الظفرة الجوية. ومنذ عام 2000 يتلقى ما بين 6 ألاف و8 ألاف عسكري إماراتي تدريبات عسكرية في الولايات المتحدة، كما وقعت حكومة أبو ظبي عقودا أمنية مع شركات خاصة مثل "ريفليكس رسبونس" لتقوية برامج التدريب الإماراتية العسكرية. نمط الانفاق على برامج تسليح الدول الخليجية أرتفع بشدة حتى قبل بدء مفاوضات إيران النووية مع الدول الكبرى. وسمحت زيادة أسعار النفط خلال السنوات السابقة ووصولها لما يزيد عن 120 دولار أمريكا للبرميل الواحد إلى تفهم نمط الانفاق الضخم. إلا أن ما لا يمكن تفهمه يتعلق بعدم تخفيض هذه المشتريات على ضوء انخفاض أسعار النفط لما يصل لنصف الرقم السابق والذي عرفت معه الميزانيات الخليجية عجزا ماليا في موازنتها العامة. خلال عام 2014 تعاقدت المملكة السعودية على قائمة مشتريات عسكرية تتعد 80 مليار دولار، في حين أنفقت دولة الامارات ما لا يقل عن 23 مليار دولار، في حين بلغ أجمالي المشتريات القطرية من السلاح الأمريكي 11 مليار دولار في شكل طائرات هليكوبتر أباتشي، ومنظومة صواريخ باتريوت، ومنظومة دفاع جوي من طراز جافلين. واستدع نمط المشتريات العسكرية الخليجية أن تفتتح شركتي بوينج ولوكهيد مارتن مكاتب مبيعات دائمة في مدينة الدوحة لخدمة عملاء الخليج. فهم ورؤية أوباما لمنطقة الخليج يشوبها بعض الارتباك، لذا لا تعطي القيادات الخليجية آراء أوباما الكثير من الأهمية خاصة مع إدراكها أن حكمه قارب على الانتهاء. خلال لقائه الأخير مع كاتب نيويورك تايمز توماس فريدمان عقب توقيع أتفاق إيران، قال أوباما أيضا إنه سيجري حوارا صعبا مع حلفاء الولايات المتحدة العرب في الخليج، سيعد خلاله بتقديم دعم أمريكي قوي ضد الأعداء الخارجيين لكنه سيقول لهم إن عليهم معالجة التحديات السياسية الداخلية، وأضاف انه سيبلغ دول الخليج أن عليها أيضا أن تكون أكثر فعالية في معالجة الأزمات الإقليمية. وكان أخر ما ذكره أوباما في حديثة عن الخليج قوله إن شراء الأسلحة والتطمينات الأمريكية ربما يخفف بعضا من مخاوف الخليج و"يسمح لهم بإجراء حوار مثمر أكثرمع الإيرانيين". وأعتقد أنه لا يجب على دول الخليج أن تنتظر كلمات الرئيس الأمريكي كي تخرج من مضاجع خوفها من عودة إيران للجماعة الدولية. ورغم كل لغات وأساليب التخويف من عودة إيران، علينا أن نتذكر على سبيل المثال وجود ما لا يقل عن 400 ألف إيراني يعيشون ويعملون في إمارة دبي وحدها، وهذا على الرغم من وجود نزاع طويل على بعض الجزر الصغيرة. مخاوف قادة الخليج من إمكانية إقدام واشنطن على بيع مصالحها الإقليمية في الخليج من أجل "صفقة كبرى" مع إيران هي مخاوف لا مبرر لها. تقوم سياسة واشنطن في الخليج أساسا على منع أي قوة أخرى غيرها من الهيمنة، والعرب يرجبون بذلك سرا وعلنا. العرب دائما يلومون الادارات الأمريكية على نقطتين: الأولي تتعلق بكل ما تقوم به واشنطن، والثانية تتعلق بكل ما لا تقوم به واشنطن. على العرب وحكامهم أن ينضجوا وأن يسيطروا على مقدراتهم ومصائرهم٬ فهم لديهم كل الموارد اللازمة، إلا أنه لا يزال تنقصهم القيادة والإرادة.
مشاركة :