من مرشحٍ قالوا إن دخوله لسباق الرئاسة مجرد مزحة، إلى رئيس منتخب للأميركيين جميعاً. وصل بصعوبة وبرهن على أمور كثيرة ليس أهمها الكشف عن حجم الاستقطاب الكبير داخل المجتمع الأميركي ولا النزعة العنصرية منقطعة النظير داخل المجتمع الأميركي التي كانت السمة الرئيسية في خطاب ترامب في حملته ونجح بها، ولكن أهمها كان تأكيده لوصفه نفسه بـ الرجل الذي لا ينهزم. ليس المهم لدي أن أطرح تحليلا كيف وصل وكيف سيكون شكل سياساته الخارجية وهل سيكون صديقا لدول الخليج أم لا؟ الأهم أن أشرح الأمر المفاجئ من ناحيتنا وأحاول الإجابة على الأسئلة الرئيسية.. ماذا نريد في دول الخليج من رئيس الولايات المتحدة الجديد؟ أعتقد وأكاد أجزم أن دول الخليج أكثر المتحمسين دولياً لهذه الانتخابات والراغبين بالتغيير في إدارة البيت الأبيض وهذا ليس بجديد ولا غريب. أكثر الراغبين برحيل إدارة أوباما الحالية والمتحمسين لبديل جديد يعيد للولايات المتحدة مكانتها كالقوة العظمى الأولى بالعالم القادرة على إعادة التوازن للشرق الأوسط وكبح كل محاولات التوسع والسيطرة بالقوة التي استغلت تردد وتهاون إدارة أوباما في حسم ملفات المنطقة والحفاظ على قوة الولايات المتحدة دولياً، أتحدث عن روسيا وإيران بالتحديد. دخلت روسيا بقوتها العسكرية إلى المنطقة وأحكمت السيطرة على الملف السوري عندما تركت الولايات المتحدة الأسماء تتفاقم ولم تساعد حتى الجهود الدولية المبذولة للحل فكان تدخل الروس بداية لعودتهم بقوة إلى مصارعة الولايات المتحدة لصنع مجال ثنائي القطبية في الشرق الأوسط تكون هي أحد أطرافه، ولا شك أن دول الخليج لن تشعر بالاطمئنان ما دام الروس يتحركون بجوارهم في مجال يضم إيران وهي الخصم الأول الآن ضدهم في المنطقة وذات الطموح الذي لا يقف عند سوريا والعراق ولبنان واليمن، بل يستهدف حتى مكة والمدينة. دول الخليج تنتظر اليوم إدارة أميركية جادة تعيد النظر في الاستراتيجية القائمة التي اتخذتها إدارة أوباما لمحاربة الإرهاب خصوصاً ذلك التحالف الذي تقوده واشنطن ضد الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، وتبدو دول الخليج أكثر دول الإقليم جدية في محاربة الإرهاب وليس خافياً أنها لم تكن مقتنعة بالتحالف الدولي القائم ولا استراتيجيته التي لم تتحقق على مدى سنتين ماضيتين النتائج الفعلية على الأرض. إيران تمثل الخصم الأول اليوم لدول الخليج وتتوقف عليها كل سياسات دول الخليج في سوريا والعراق واليمن أن ولبنان وحتى في مصر وفي كل مكان حتى الحدود البحرية والاسم الحقيقي والدولي للخليج البحري الفاصل بين دول الخليج وإيران، هي تمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي الخليجي والعربي، وفي إدارة أوباما اعترفت الخارجية الأميركية غير مرة أن إيران متورطة في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط وتمويل الميليشيات المسلحة في سوريا والعراق وما زال حزب الله التابع لإيران على قائمة الإرهاب الولايات المتحدة وعلاقة المتمردين الحوثيين في اليمن واضحة مع إيران، ومع كل ذلك تعاونت إدارة أوباما مع إيران وقدمت لها التسهيلات في الاتفاق النووي وغضت النظر عن حليفها نظام الأسد في سوريا وسمحت له بتجاوز خطوط أوباما الحمراء، ونظرت إلى الملف اليمني من زاوية ضيقة بدون الاعتراف بتورط إيران عبر الحوثيين في تأجيج الأوضاع، وأصبح الموقف الإيراني أقرب إلى الولايات المتحدة من المصالح التاريخية المشتركة بين واشنطن ودول الخليج، وتريد دول الخليج اليوم أن تكون الإدارة القادمة أكثر توازنا في تقييم الأخطار التي تشكلها إيران على أمن الخليج وتعيد النظر في وضع حليفها نظام الأسد في سوريا وتكبح جماح التوسع الإيراني المتزايد في المنطقة العربية وبالطرق المحرمة دائماً تحت نظر ومتابعة من إدارة أوباما، وحال حصول تغيير في هذا الجانب فالمنطقة ستكون على موعد مع حلول جذرية لأنهاء الأزمات القائمة باعتبار أن إيران الأساس في تعميقها ولا لها اليد الفاعلة في كل مشتعل فيها وحينها لن تجد الميليشيات الطائفية المسلحة في سوريا والعراق الدعم الإيراني وسيسقط نظام الأسد في سوريا، وستون عالميا روسيا من انحسار الميليشيات الإيرانية على الأرض وستكون الأزمة اليمنية أيضاً قريبة من الحل كما كانت وما زالت.. مصالح دول الخليج مشتركة فيما بينها وإن كانت هنالك اختلافات في التفاصيل الدقيقة لكنها تجتمع على أساس التهديدات الإيرانية وهو ما سيجعل انحسار أي دور لإيران في المنطقة من صالح دول الخليج، ولكن كل ذلك يعتمد على كيف ستسلم إدارة أوباما هذه الملفات كلها لإدارة ترامب في الشهرين القادمين، هل ستهيء للرئيس الجمهوري أرضية صالحة للحل الشامل في الشرق الاوسط؟ أم متورطة بتعقيدات تبقى الولايات المتحدة مسؤولة عنها اكثر من أي طرف آخر؟ رابط الخبر بصحيفة الوئام: ماذا تريد دول الخليج من ترامب؟
مشاركة :