في بعض الأحيان، تنطوي اللعبة على أكثر من حالة توازنية واحدة. فلنأخذ هذا المثال: زوجان يعتزمان الخروج معا في المساء. يستمتعان كثيرا بإمضاء الوقت معا، لكن الزوج يحب الملاكمة بينما تفضل الزوجة الباليه. يجب على كل منهما اتخاذ قرار مستقل بشأن ما سيفعله، أي عليهما اتخاذ القرار في الوقت نفسه. فإذا اختارا الفعالية نفسها يظلان معا؛ وإذا اختارا فعاليتين مختلفتين يذهب كل منهما على حدة. ويحصل الزوجان على قيمة قدرها "1" إذا حصل كل منهما على وسيلته الترفيهية المفضلة؛ وقيمة قدرها "2" إذا ظلا معا. ويؤدي هذا إلى مصفوفة للمردود تحقق الحد الأقصى للرضا حين يختار الاثنان الفعالية نفسها. وإذا ضحى اللاعبون من أجل شركائهم يحصلون على أسوأ النتائج، فكل لاعب يتجه إلى الفعالية التي لا يرغب فيها لكن بمفرده، ويصبح المردود صفرا. وإذا اختار كلاهما الفعالية التي تروق له، تكون النتيجة أفضل، لكن أيا منهما لا يحظى بصحبة الآخر، ومن ثم تكون قيمة المردود "1" لكل منهما. فإذا اختارت الزوجة الباليه، تتحقق النتيجة المثلى حين يختار الزوج الباليه أيضا. ومن ثم يكون الذهاب إلى الباليه بمنزلة توازن بمردود قيمته "3" بالنسبة للزوجة و"2" بالنسبة للزوج. وبالمنطق نفسه حين يحضر الاثنان مباراة ملاكمة، يكون هناك توازن أيضا، تبلغ فيه قيمة مردود الزوج "3" وقيمة مردود الزوجة "2". وبالتالي يكون للمباراة توازنان. ويمكن أن يصبح هناك توازن واحد إذا تم تعديل المباراة بالسماح للاعبين بالتحرك على نحو متتابع، أي يكون كل منهما على دراية بالتحرك السابق للآخر. فإذا تحركت الزوجة أولا وقررت الذهاب إلى الباليه، يكون أفضل خيار للزوج هو الذهاب إلى الباليه أيضا. وإذا اختارت الزوجة الملاكمة، لا شك أن الزوج يختار الذهاب إلى المباراة. وستكون الاستراتيجية الأساسية للزوجة هي "النظر إلى الأمام والتفكير بنظرة إلى الخلف". فيمكن للزوجة أن تستشرف إلى أين سيقود قرار زوجها وتستخدم هذه المعلومات في حساب أفضل قرار يمكنها اتخاذه، وهو في هذه الحالة اختيار الباليه. وفي هذا النوع من المباريات، هناك ميزة واضحة في التحرك أولا. تقتصر مباراة السجين والزوجين على لاعبين اثنين فقط، كل منهما يمتلك معلومات كاملة عن المباراة. لكن المباريات تصبح أكثر تعقيدا حين يشترك فيها عدد أكبر من اللاعبين أو حين لا يمتلك اللاعبون كل المعلومات ذات الصلة. وليس من الغريب أن نظرية المباراة تم تطبيقها على تحليل سباق التسلح النووي. وقد أثبت توماس شيلينج، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2005، أن قوة الثأر تمثل رادعا أكثر فعالية من القدرة على الصمود في مواجهة هجوم، كما أثبت أن عدم اليقين بشأن الثأر الذي يبقي العدو في حالة تخمين مستمرة قد يكون أكثر فعالية في الحفاظ على السلم من التهديد بعمل انتقامي ما. وتستخدم نظرية المباراة لتحليل قوة السوق وكيف يمكن تنظيم الاحتكارات لحماية المستهلكين وهو مجال بحثي قاد جان تيرول للحصول على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2014. كذلك أحدثت نظرية المباراة ثورة في مجال اقتصاد المعلومات عن طريق دراسة المباريات التي يمتلك فيها بعض اللاعبين معلومات أكثر من الآخرين. وهناك ثلاثة اقتصاديين اقتسموا جائزة نوبل عام 2001 عن أعمالهم المبتكرة المتعلقة بالمباريات التي تقوم على عدم اتساق المعلومات، وهم جورج أكيرلوف عن عمله المعني بسوق السيارات المستخدمة، ومايكل سبنس عن عمله المعني بإصدار الإشارات في أسواق العمل من خلال التعليم، وجوزيف ستيجليتز عن عمله المعني بالفحص الذاتي في أسواق التأمين. بل إن نظرية المباراة تم تطبيقها في علم الأحياء التطوري، حيث لا يكون اللاعبون "وهم حيوانات في هذه الحالة" منطقيين بالضرورة. فمباراة الصقر والحمامة التي قدمها جون مينارد سميث عام 1982 تنطوي على سلوكين عدواني وغير عدواني وتقدم رؤية عميقة لبقاء النوع. ويستخدم البعض نظرية المباراة حاليا للتنبؤ بمصير الاتحاد الأوروبي. وما دامت هناك قرارات ينبغي اتخاذها على أساس من التفاعل بين الأطراف المشاركة، فسيظل تطبيق نظرية المباراة مرشدا لها.
مشاركة :