منذ سنوات، وكلما قرأنا وتابعنا تحليلات الوسائل الإعلامية الأجنبية، عن الوضع في السعودية؛ نشعر أنه الحديث عن بلد آخر لا نعرفه، أو أن هناك شيئاً يعلمونه ولا نعلمه، لكن الأحداث - المترجمة بلغة التاريخ - تقول عكس ما يكتبون، أو بالأدق ما يتمنون، ومع كل حقيقة تظهر تثبت خلاف ما رسموا.. ومع ذلك مستمرون! ولو سلمنا بصفاء النية لما تنشره هذه الوسائل، من باب العمل الإعلامي الرقابي، رغم اني أستبعد شخصياً ذلك، إلا أن المهنية المزعومة لم تثنهم عما يخطون، لذلك لن تقرأ في أي صحيفة - ومهما ادعت الحياد أو الموضوعية - أن تحليلاتها عن المرحلة "الفلانية" جانبها الصواب، بل انها تكابر، وترسم سيناريوهات حديثة، لتحقيق ذات المشاريع، بلغة المرحلة.. وتبدأ خطاً جديداً ينسج أحلاماً أخرى، بمعطيات مختلفة، وطرائق متباينة، ولكن لذات الجمهور القديم، الذي يرصد إخفاقاتها غير القليلة. الأمر ليس وليد المرحلة، بل إنه مرافق للدولة منذ ولادتها، ويتجدد مع كل منعطف، بذات الرؤى، مع تغييرات طفيفة، حيث يقولون الأشياء ذاتها مع كل ملك، حتى بعد وفاة الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن، أوهموا العالم بسقوط الدولة، ثم فعلوا هذا كثيراً، حيث إنهم بلغة الشبكات الاجتماعية "يرتوتون" أحلامهم كل مرة، ويحصدون "بلوك" الواقع كرد، وتزداد هذه الافتراءات بحسب متطلبات اللحظة، فأثناء ما يسمى ب"الربيع العربي"، صوروا السعودية على أنه مستقبل هذه الاضطرابات، لكن رسالة الأرض كانت تقول غير ذلك، ثم حاولوا مجدداً بصنع قصة جديدة مع رحيل الملك عبدالله، فتفاجأوا بانتقال سلس للحكم، لم يتجاوز النصف دقيقة، ولم يغير شيئاً من ثوابت الوطن.. بعض هذه المنصات الإعلامية، كانت تنتظر وصول الأحفاد، إلى مراكز متقدمة في خط صنع القرار، حيث رهاناتها القديمة على الجدل، بحسب معلوماتها المتواضعة، التي كانت تستمدها من مصادر ضعيفة، لكنها ما لبثت حتى سمعت قرارات الملك سلمان، الذي أمن مستقبل الدولة لعقود، بعد أن ثبت قواعدها بالشباب. وحتى تصدقون، أن هذه الوسائل يغضبها الاستقرار، كتبت مجلة "نيوزويك" الأميركية، على سبيل المثال، عن الأوامر الملكية: "من المقرر أن يتسبب إعادة ترتيب خط التوريث في تفاقم التوتر بين الفروع المتنافسة لعائلة آل سعود، بعد أن سنَّ سلمان سابقة جديدة في أكبر دول العالم تصديرًا للنفط.."، لم يجف حبر هذه الادعاءات، حتى كانت صور التلاحم تملأ كل مساحات الإنترنت، سواء بين أعضاء الأسرة الحاكمة، أو بينها وبين الشعب، مفندة أحلام مشوهة عمرها عقود! ولمعرفة أهداف مثل هذه التقارير، جرب أن تبحث عن اتجاهات الأغلبية العظمى منها، وأعدك ألا تجد الموضوعية التي تناقش كل زوايا القضية، لذلك لن يقولوا لقرائهم إن الأمير محمد بن سلمان قد نال 28 صوتاً، من أصل 34 صوتاً، ما نسبته 82% من أصوات أعضاء هيئة البيعة، ليكون ولياً لولي العهد، وذلك بحسب معلومات "العربية"، الأرقام التي تشرح النظام الشوري لدى الأسرة الحاكمة، لأنهم لا يريدون إلا المعلومات التي تحقق أطماعمهم.. أو افتراءاتهم! والسلام.
مشاركة :