يواجه لبنان مجدداً اختبار النأي بالنفس، والابتعاد عن الخط الذي ينتهجه حزب الله، وارتفع منسوب الكلام عن أنّ المطلوب عربياً من لبنان كي تتدفّق له المساعدات، هو نفسه الذي يطلبه رعاة مؤتمر «سيدر»، ومفاده: انفصال صريح عن حزب الله مقرون بقرارات عملية لا قرارات إصلاحية لا لبس فيها تضبط المالية العامة توقف التهرّب والتهريب عبر الحدود والمرافئ والمرافق، فضلاً عن خطة نهوض اقتصادية - إنمائية تضع حداً لنزيف المالية العامة، على أن يكون قطاع الكهرباء هو المشروع النموذجي. وفيما لا يزال المجتمع الدولي مصراً على عدم ترك لبنان يواجه وحيداً مشكلاته الاقتصادية الكبيرة والخطيرة، إلا أنّه لا يراقب لبنان من الزاوية الاقتصادية - الاجتماعية حصراً، بل إنّ كبار ممثليه ما ينفكون يردّدون ويشدّدون على أهمية تمكن الدولة من استعادة سيادتها وممارسة حقها في حصر السلاح والدفاع عن لبنان بواسطة القوى الشرعية دون سواها. ولا يخفى على أحد أنّ في ذلك دفعاً جديداً للمواجهة مع حزب الله، الذي يعتبر كثير من حلفاء لبنان الدوليين أنّ التسوية الرئاسية وسّعت هامش تحكّمه بالقرارات ذات الطابع السيادي للدولة. أما القاسم المشترك لدى كل أصدقاء لبنان الدوليين، العرب والغربيّين، فهو تشديدهم على ضرورة وقوف لبنان على الحياد في الصراع المحتدم في المنطقة، والتقيد بما جاء في بيان حكومته الوزاري لناحية النأي بالنفس، إذ إنّ اختلال التوازن على الساحة اللبنانية لصالح محور إقليمي هو إيران، على حساب آخر، هو الخطر الأكبر على استقراره وعلى مصيره، ليس فقط على المساعدات. وذلك، وسط التشديد على ضرورة أن تكون الدولة دولة بكلّ معنى الكلمة، أيّ أن تكون سيدة قرارها، أي أن تملك هي لا سواها قرار السلم والحرب، بمعنى أنّ وضْع قطار الاستثمارات المرجوّة على السكة الصحيحة إلى بيروت يتطلّب وفق مراقبين تجديد الدولة اللبنانية ما كانت تعهّدت به سابقاً، في ما خصّ الحياد والقرارات الدولية والإصلاح. ورسم الرئيس سعد الحريري، حدّاً فاصلاً بين الحكومة وحزب الله، إذ قال: «بصفتي رئيساً للحكومة، أرفض أيّ تورّط لبناني في النزاعات الدائرة حولنا، كما أشدّد على أنّ الحكومة اللبنانية ترفض التدخل أو المشاركة في أيّ أنشطة عدائية لأيّ منظمة تستهدف دول الخليج العربي»، مضيفاً: «ينبغي توجيه الاتهام إلى حزب الله، بوصفه جزءاً من النظام الإقليمي وليس بصفته أحد أطراف الحكومة اللبنانية».طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :