سعيد الأميري * الصكوك يمكن مبادلتها أو بيعها أو تحويلها لأسهم وذلك جوهر اختلافها عن القروض، فيما تعد الأذونات أوراق دين حكومية قصيرة الأجل بين 3 و12 شهراً، أما السندات فهي تبادل الأوراق بالنقود والبيع عن طريق الدين طويل الأجل.إن التجربة الإماراتية في إصدار الصكوك تجربة عالمية استثنائية، إذ تبوأت الإمارات المركز الأول في هذا المجال عام 2007، حيث بلغ حجم ما أصدرته 33 مليار دولار أمريكي متفوقة على ماليزيا التي بلغ حجم إصدار الصكوك فيها 31 مليار دولار. وقد أسهمت هذه الصكوك الإسلامية في تمويل الكثير من المشاريع مثل مشروع ميناء خليفة والمناطق الحرة بنحو 10 مليارات دولار، وبذلك استطاعت الإمارات أن تستخدم هذه الصكوك في تمويل المشاريع التنموية.ونتيجة لتوسع الإمارات في إصدار هذه الصكوك، يتفق اﻟﺨﺒﺮاء واﻟﻤﺨﺘﺼوﻦ ﻋﻠﻰ أن أداءها ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺮﺷﺤاً قوﻳاً ﻟﻘﻴﺎدة سوق اﻟﺼكوك ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌيد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ بحلول عام 2030، إذ ارتقت إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻋﺎﻟﻤياً ﻓﻲ إدراج اﻟﺼكوك اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أهم أدوات اﻟﺘموﻳﻞ اﻹﺳﻼمي.ولتحقيق نظرة متكاملة نعود إلى البدايات الأولى، فقد حققت المصارف الإسلامية منذ انطلاقتها حضوراً لافتاً، وذلك من خلال تزايد أعدادها وتميّز أدائها وشفافية أعمالها وقدرتها على التجديد والابتكار، وهو ما دفع عدداً كبيراً من المصارف التقليدية إلى فتح نوافذ فروع للخدمات المالية الإسلامية، وفرض في الوقت ذاته ضغوطاً تنافسية جديدة من شأنها أن تؤثر في الوتيرة التي تنمو بها الحصص السوقية لقطاع المصارف الإسلامية.لكن هذه المصارف، أوجدت مداخيل مبتكرة لتطوير طرق عملها واستمرار دورها التنموي، ومن ذلك الصكوك التمويلية التي باتت صيغة فريدة من نوعها، مبعثها فقه المعاملات في الشريعة الإسلامية، فهي آلية تمويلية تهدف إلى جلب رأس المال، وتمتاز بمشاركتها في مبدأ الربح والخسارة، وإصدارها باسم مالكها بفئات متساوية القيمة، والأهم أنها تصدر وفقاً للشروط والضوابط الشرعية.وما زاد من انتشار الصكوك، امتيازها عن أذونات الخزانة والسندات، فالصكوك هي عقود تمليك أو إيجار لجزء من ملكية مشروع استثماري، لا تزيد نسبتها بل قيمتها، وذلك وفقاً لقيمة المشروع الاستثماري المتعامل عليه في هذه الحالة، فالصكوك يمكن مبادلتها أو بيعها أو تحويلها لأسهم بورصة، وذلك جوهر اختلافها عن القروض، فيما تعد الأذونات أوراق دين حكومية قصيرة الأجل تصدر بمدد تتراوح بين 3-12 شهراً، أما السندات فهي تبادل الأوراق بالنقود، والبيع عن طريق الدين طويل الأجل.ومع انتشار مصارف المعاملات المالية الإسلامية اشتهرت الصكوك وأصبحت بعض الدول الأوروبية والأمريكية تتعامل بها، نتيجة مميزاتها الملموسة، وقلة مخاطرها بالنسبة للمستثمر لأنه يستطيع بيعها لأي طرف ثالث إذا ما استشعر خسارته، إضافة إلى أنها أوراق مالية قابلة للتداول عالمياً، فالحصول على أرباحها عملية سهلة.أما بالنسبة للمستثمر المهتم بالمعاملات الإسلامية، فهو يشعر بالراحة أكثر في التعامل مع الصكوك لأن ليس لها فوائد ربوية مثل أذونات الخزانة، فهو شريك في الأصل، سواءً بالمكسب أو بالخسارة، ولا تمثل ديناً على المصدر، وأهم من كل ذلك قدرة الصكوك على تغطية العجز المالي للحكومات أو المشاريع.كل ما سبق أدى للتوسع في الصكوك وإصدارها من المصارف وبدأت القناعة عند المدخرين والمتعاملين بعدم التعارض بين أداء الصكوك وأحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى ظهور أسواق الأوراق المالية وتداول الصكوك فيها وتوسع نطاقها، والأهم الحاجة المستمرة إلى التوسع في مشاريع البنية التحتية بدول الخليج، وهو ما زاد من أهمية الصكوك في المنطقة.وتختلف الصكوك حسب وظيفتها وطريقة طرحها مثل صكوك الاستثمار، وصكوك المضاربة، وصكوك الاستصناع، إضافة إلى صكوك المرابحة، وصكوك الإجارة، وصكوك التجارة، وغيرها من الأنواع التي تخدم العمل التجاري والصناعي والخدمي.تطور سوق الصكوك من 500 مليون دولار عام 2001 حتى بلغ نحو 31 مليار دولار نهاية عام 2006، بحسب سوق دبي المالي. وترى وكالة موديز أن حجم النمو في إصدارات الصكوك قد يتراوح ما بين 30-35% سنوياً، فيما تقدر الاحتياجات التمويلية للمشاريع في دول مجلس التعاون بمبلغ 800 مليار دولار حتى العام 2017، أما إجمالي الصكوك عام 2015 فقدر بمبلغ 3 ترليونات دولار.وبحسب صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن أصول المصارف الإسلامية تضاعفت 9 مرات بين 2003 و2013، لتصل إلى 1800 مليار دولار، وتشير التقديرات إلى أن حجم الأصول يبلغ حالياً 2000 مليار دولار، ونحو 80% من هذه الأصول موجودة لدى المصارف، و15% هي على شكل صكوك، و4% في صناديق استثمارية إسلامية، وواحد في المئة في التأمين الإسلامي المعروف ب«التكافل». * رئيس مجموعة الاستثمار في مصرف الشارقة الإسلامي
مشاركة :