ثمن مجلس المفتين في روسيا، الجهود التي تقدمها دولة الإمارات بهدف ترسيخ قيم التسامح والتعايش والسلام بين المجتمعات، عبر ما تبذله القيادة الرشيدة من دعم متواصل للقاءات التي تسهم في التعريف بالأخوة الإنسانية والحوارات البناءة التي تتناول الارتقاء بالخبرات والتجارب، ومواجهة التحديات المشتركة في العالم، بما يؤدي إلى توحيد الرؤى والأفكار والخطط لمصلحة الدول والشعوب. وأشاد المجلس برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الداعمة لأهمية إبراز قيم الإسلام المعتدل الذي يدعو إلى احترام المعتقدات الدينية كافة، وفهم الآخر والتعايش معه، ضمن بيئة مجتمعية واحدة، حيث قدم سموه صورة ملهمة للقائد العربي الحريص على تشجيع المبادرات كافة المؤدية إلى تحقيق التقارب بين الأديان والطوائف الدينية، ونبذ التعصب والتطرف والأفكار، وهو ما يعد تجسيداً حقيقياً لنهج السلام الذي انتهجته الإمارات منذ قيام الاتحاد برعاية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي لا تزال آثاره خالدة بمآثره ومواقفه. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مجلس المفتين في روسيا بمقره في موسكو، بحضور ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، حول الجهود التي يقدمها مجلس المفتين لإعلاء قيم التسامح والتعايش، وأثر زيارة فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دولة الإمارات في مناقشة الجهود المشتركة التي تعزز من دور البلدين، ومساهمتهما المتواصلة في نشر ثقافة الفكر المعتدل في مواجهة خطاب الكراهية والعنف. ترسيخ قيمة التسامح وقال ايلدار جالييف، رئيس العلاقات الدولية في مجلس المفتين بروسيا: تشترك كل من دولة الإمارات وروسيا ببصمتهما العالمية الواضحة في ترسيخ قيمة التسامح، حيث تتميز روسيا بوجود الكثير من المجتمعات المتنوعة داخل المجتمع الروسي الواحد، كما يوجد الكثير من المسلمين الموجودين في موسكو وكازان وغيرها من المناطق التابعة للفيدرالية الروسية، والذين يحظون بتقدير كبير من فخامة الرئيس الروسي وحرية كاملة لممارسة الشعائر الدينية، الأمر الذي تنتهجه الإمارات أيضاً في التعامل مع أتباع الأديان المختلفة، ومنحهم كامل الحرية لممارسة معتقداتهم، بما لا يؤثر على الآخرين. وأضاف: جاء اللقاء التاريخي الذي عقد في فبراير الماضي واستضافته دولة الإمارات بين قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر فضيلة الشيخ أحمد الطيب، ليكون نقطة تحول نوعية في الجهود المبذولة لترسيخ ثقافة التسامح، حيث مثلت خطوة الإعلان عن الوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية دليلاً على قدرة العالم واستطاعته التوحد في مواجهة التحديات والأخطار المشتركة، بوجود الإرادة الحقيقية والرؤية الحكيمة والقناعة المطلقة بأن الوقت قد حان لأهمية الانشغال بطرق توحيد الجهود الدينية وتأثير المؤسسات الرسمية الحكومية في تحقيق التواصل الحضاري بين الشعوب والمجتمعات، فالتواصل يسهم في تلاقي الرؤى والأفكار، وإيجاد نقاط الاشتراك والوفاق. وأشار إلى أن مجلس المفتين في روسيا يتمتع بعلاقة قوية مع المؤسسات الرسمية في دولة الإمارات، حيث يشارك المجلس بانتظام في الأحداث التي يتم تنظيمها على أرض الدولة، كما يشارك عدد من قادته في الملتقيات والندوات الدينية، إيماناً من المجلس بأهمية الدور الذي تلعبه الإمارات باعتبارها منصة جامعة للشعوب وللنموذج الذي قدمته سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، عبر اعتمادها على مفهوم توحيد الجهود وتسخير الطاقات وتعزيز الإنتاجية من الجميع لتحقيق الهدف الواحد الذي يصب في المصلحة العامة لكل من يعيش في دولة الإمارات. إطلاق مبادرات مشتركة ولفت إلى أن المجلس استقبل خلال الشهر الجاري، الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، حيث جاءت الزيارة بهدف دعم العلاقات بين روسيا ممثلة بالمجتمع المسلم فيها ودولة الإمارات، وبحث إمكانية إطلاق مبادرات مشتركة تسهم في توطيد العلاقات بين الجانبين، كما ناقش الجانبان أهمية عقد اللقاءات الدورية التي تتناول مستجدات الأحداث والأوضاع في العالم الإسلامي، وسبل إيصال الرسائل الفكرية النبيلة إلى المجتمعات كافة، وخلصت الزيارة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيل العديد من جوانب الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين. وبين أن العام الجاري شهد توقيع المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة برئاسة معالي الدكتور علي راشد النعيمي، وصندوق دعم الثقافة الإسلامية والعلوم والتعليم بروسيا الاتحادية، اتفاقية تعاون تهدف لتأطير العمل المشترك بينهما من أجل تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام والأمن للشعوب، حيث جاءت الاتفاقية استناداً للرغبة المتبادلة بين الجانبين في ترسيخ القيم الإنسانية المشتركة ونشر مبادئ الاعتدال والتسامح والمحبة، وترسيخ الانتماء للوطن واحترام القانون والحوار والتعايش مع الأديان والثقافات الأخرى. قيم القائد المؤسس وأوضح جالييف، أن منافسة القرآن الدولية في موسكو سميت باسم الأب المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال العام الماضي، احتفالاً بعام زايد في دولة الإمارات وتقديراً للجهود التي بذلها الراحل الكبير لتعزيز قيم التسامح والتعايش، حيث توجد العديد من المواقف الخالدة التي بذلها للمجتمع المسلم في روسيا وهي مواقف دخلت التاريخ بما شملته من مكارم ومبادرات، وبرهنت على ما تمتع به من صفات نبيلة وخصال حميدة ومعانٍ تلألأت بها صفحات التاريخ المشرق، حيث تعتبر الجائزة خامس أكبر جائزة إسلامية في حفظ القرآن الكريم، وهناك تعاون مستمر مع جائزة دبي للقرآن الكريم ضمن لجان التحكيم وفي دعم منظومة عمل الجائزة التي بدأت منذ 20 عاماً. وحول الدور الذي يلعبه مجلس المفتين في روسيا دولياً، أشار جالييف إلى تنظيم المجلس للمنتدى الإسلامي العالمي والذي يهدف إلى تعزيز العلاقات مع أوروبا، وتعريفهم بمفاهيم السلم والتعايش التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف، والحث على حسن الجوار واحترام القوميات المختلفة، كما ننظم مؤتمر السلك الروحي الحريري الذي يهدف إلى تحقيق التواصل البناء مع دول آسيا الوسطى، وهي جميعاً جهود هادفة إلى ربط الشرق بالغرب، بالاستفادة من الخصوصية الجغرافية لروسيا وما تمثله من تأثير عالمي ملموس، وثقل دولي في الكثير من الملفات البارزة، ومنها ملف التسامح وتعزيزه. وبين أن فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرص خلال الفترة الماضية على الاهتمام بشؤون المسلمين كافة في روسيا، باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من روسيا، خاصة أن عددهم يصل إلى نحو 25 مليون شخص، حيث التقى سماحة رئيس مجلس المفتين فخامة الرئيس للحديث حول أولويات خطط التنمية والمهام المستقبلية أمام مسلمي روسيا، إضافة إلى دور الاعتمادات الحكومية في إصدار الشهادات المعتمدة من المؤسسات الخاصة بالتعليم العالي الإسلامية. وشدد رئيس العلاقات الدولية في مجلس المفتين، على أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التواصل مع العالم العربي، خاصة بعد عقد منتدى الحوار المجتمعي بين روسيا والعالم العربي، حيث تطرقت النقاشات إلى أهمية وضرورة تطوير الحوار بين ممثلي مختلف الطوائف والأديان، ودعم الحوار وآليات تعزيزه وتطبيقه في الواقع، بشكل يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية، إضافة إلى تحليل الفرص المتاحة للتعاون، خاصة في مجال توطيد الأمن والسلم في العالم والمنطقة العربية، وخلق مناخ ملائم لإقامة حوار بين ممثلي مختلف الأطياف الدينية والاجتماعية والثقافية، بما يكفل ضمان التنمية المستدامة في روسيا والدول العربية. 115 عاماً عمر «المسجد الجامع» حول المسجد الجامع في موسكو الذي يعد أكبر وأعلى مسجد في أوروبا، أوضح ايلدار جالييف، رئيس العلاقات الدولية في مجلس المفتين بروسيا، أن المسجد شيد في عام 1904، ولم يغلق أبداً طوال تاريخ روسيا، وحظي بدعم كبير منذ الإنشاء، وكان يهدف لخدمة المسلمين التتار في وقتها والذين كان يبلغ عددهم حينها نحو مليون شخص. وتم التشييد بمبادرة من عدد من التجار. وأشار إلى أن مساحة المسجد الطابقية تصل إلى 19 ألف متر مربع، بينما تبلغ مساحته الطولية نحو 10 آلاف متر، أما ارتفاع المئذنة فيصل إلى 78 متراً، كما طليت قباب المسجد الذي تمت إعادة افتتاحه في عام 2015، بنحو 12 كيلوجراماً ذهب، بينما بلغت التكلفة التقريبية لأعمال إعادة البناء نحو 1.7 مليون دولار، ويعد مركزاً للأنشطة الاجتماعية في موسكو، ويحتوي على قاعة خاصة لاستضافة المؤتمرات والمنتديات الفكرية، ويعد متاحاً لزيارته من قبل جميع أهالي موسكو. 4 مساجد قال ايلدار جالييف، إن موسكو تضم 4 مساجد، أكبرها المسجد الجامع الذي شهد افتتاحه عدد من رؤساء الدول، منهم فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما يزوره بانتظام عدد من الوزراء والسفراء والذين يقيمون نشاطاتهم الفكرية في قاعة المؤتمرات التي تشهد تلاقياً فكرياً، يعكس روح التسامح والتعايش التي يدعو إليها المجتمع المسلم في روسيا. وبين أن مساحة المسجد الداخلية تتسع إلى نحو 10 آلاف شخص، بينما يؤدي صلاة الجمعة نحو 16 ألف شخص، ويصل عدد المصلين في الأعياد إلى 180 ألف شخص، حيث يحظى المسجد بدعم من قبل أفراد الشرطة الروسية لتنظيم عملية الدخول والخروج خلال أوقات الأعياد، وتسهيل الحركة المرورية في الساحات خارج المساجد، وهو ما يمثل مظهراً من مظاهر التعايش والتسامح والتواصل الفاعل والإيجابي مع الحكومة الروسية. ولفت إلى أن المسجد ينظم حالياً معرضاً يضم المقتنيات والتحف التي يمتلكها، ومنها جزء حقيقي من كسوة الكعبة التي أهداها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى المسجد، إضافة إلى مجموعة من الرسائل التاريخية والمراسلات والصور التي تعكس الأثر والدور الكبير الذي لعبه المجتمع المسلم، ضمن الدولة الروسية عموماً، وفي محيط موسكو خصوصاً.
مشاركة :