الثقافة.. أداة هيمنة

  • 10/19/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم تورد القواميس العربية القديمة جذراً اشتقاقياً لكلمة «هامش» يقترب في معناه من مفهوم المصطلح، كما يستعمل في الدراسات الحديثة اليوم، فالمعاجم المعاصرة أعطت معاني جديدة للكلمة تتوافق مع الاستخدامات الحديثة وتتقاطع معها، وقد بدأت كلمة مهمش تتخذ بعداً اصطلاحياً منذ سنة 1700 حيث ظهرت كتابات وروايات وقصص حول الحملات العسكرية البريطانية في كل من الهند وأمريكا تحمل أوصافاً بهذا الاسم، وخلفت العديد من الأحداث الكبرى من قبيل الثورة الفرنسية والثورة الصناعية والحرب العالمية الأولى، مذكرات ويوميات عن حياة أشخاص عاديين تمت تعبئتهم للمشاركة في هذه الأحداث وحملوا هذا التوصيف، وهكذا انتقل معنى المصطلح من الدلالة على المراتب الدنيا في النظام العسكري إلى المراتب السفلى داخل فئات المجتمع ككل، وبهذا المعنى الأخير استخدم «هوبزباوم» المفهوم وهو ينظر إلى التاريخ من أسفل.هكذا يمكن قراءة الكتاب الصادر عن دار رؤية للنشر والتوزيع لخالد اليعقوبي وخالد طحطح بعنوان «التاريخ من أسفل» الذي يوضح أن مفهوم الهامش اتخذ بعداً نظرياً في أعمال الإيطالي «أنطونيو جرامشي»، حيث حاول البحث عن هوية المهمش، فشمل المفهوم كل شخص أو جماعة من الناس في مجتمع ما يرزحون تحت هيمنة وسيطرة طبقة نخبوية حاكمة، تحرمهم الحق في المشاركة في صنع تاريخهم وثقافتهم كأفراد ناشطين داخل نفس الوطن، وكان جرامشي يقصد هنا بالأساس العمال والفلاحين الذين تم قمعهم من قبل الفاشية بقيادة موسوليني وأعوانه، وقد ارتبط جرامشي لمفهوم المهمش بنظريته الشهيرة المعروفة باسم الهيمنة والتبعية، حيث حلل آليات هيمنة النخب الحاكمة على باقي فئات المجتمع بتجاوز المحدد الاقتصادي والتركيز على المحدد الثقافي، فبالنسبة إليه تظل الثقافة مرتبطة بشكل كبير بمسألة الهيمنة.

مشاركة :