لتجربة الروائية في الإمارات لم تختلف عن غيرها من التجارب من حيث توثيق الواقع ونقله برؤية جمالية للمجتمع والعالم، تنسج من اليومي والعادي لوحات تعبيرية ثرية، تتدفق فيها الرموز والرسائل الأدبية؛ فالرواية الواقعية كما تُعرف هي سرد قصص لأشخاص واقعيين وأحداث حقيقية من خلال الأساليب الدرامية، بهدف تدعيم القيم والطاقات الإيجابية. وفي الواقع، نجد بمراجعة المنجز الروائي الإماراتي تركيزاً على فترة ما قبل قيام الاتحاد، وكأن الأدباء يريدون بذلك أن ينقلوا واقعاً لا يريدون أن يُنسى بمرور الأحداث والسنين، مستوقفين بالتالي القراء إلى المزيد من تأمل المسافة الفارقة التي فصلت بين لحظتين رئيستين من عمر الدولة. وهذا بحد ذاته يمثل رسالة فنية وفكرية. وهذه بالطبع، ليست الرسالة الوحيدة التي يبعث بها المنجز الروائي الإماراتي. هناك الكثير ما ركز عليه الأدباء في أعمالهم، وهو ما تحدثوا عنه لـ«البيان»: أحداث واقعية أكد الأديب حارب الظاهري أنه لا بد من الواقعية في الرواية. وأوضح: من خلال روايتي «عين الحسناء» سردت العديد من القصص الواقعية عن مدينة العين في سبعينات القرن الماضي. وأضاف: استحضرت أجواء تلك الأعوام وحياة الناس على بساطتهم. وتابع: تسرد الرواية الأحداث بطريقة رمزية، في إطار تجليات المكان والزمان. وحتى حضور الأشخاص ولكن دون تسمياتهم. وأوضح: لأن كتابة الأسماء الواقعية تثير الحساسيات. دور الأدب وأشارت الروائية أسماء الزرعوني إلى أن أغلب رواياتها تحمل جزءاً كبيراً من الواقع، قائلة: لأنني عادة ما أكتب عن واقع مجتمع وأغلب رواياتي اجتماعية، والكاتب عادة يستعين بجزء كبير من الواقع، وبعدها يفكر بالخيال. وفسرت: لأن الكاتب ابن بيئته وابن مجتمعه وما يحدث حوله من تغيرات وأحداث يوظفها في كتاباته، وهنا يلعب الخيال دوراً كبيراً مع الكاتب. وتابعت: إذا ما كتب عن مجتمعه كيف يمكنه الوصول إلى هذا المجتمع، فهذا دور الأدب في إيصال الواقع الذي نعيشه والأحداث التي تمر فيه. وقالت الزرعوني في روايتي «جسد الراحل» وظفت كل ما كنت أراه في طفولتي في أحداث الرواية ومنها المستشفى التبشيرية التي كانت في الشارقة. رؤية نقدية تحدثت الكاتبة فاطمة المزروعي عن التجربة الواقعية بشكل عام وعن رؤيتها لهذه التجربة في الإمارات وقالت: كثير من النقاد والدارسين لمختلف مواضيع وأنواع الرواية اعتبروا أن الرواية الواقعية هي الاتجاه الأجمل، وأنها الموضوع القابل للتجديد والانفتاح، بل هي الأكثر ملامسة للقراء. وأضافت: الرواية الواقعية، ببساطة تتحدث عن شخوص وأحداث حقيقية من خلال الأسلوب الروائي الفني، فهي تلامس الواقع المجتمعي بمهارة وفنية عالية، وتهدف إما لتغيير الواقع أو لنقده. وأوضحت المزروعي: يحتاج المنتج الروائي الإماراتي لدراسات نقدية متخصصة لتجيب عن هذا السؤال، وأيضاً لتوضح لنا توجه المؤلفين الإماراتيين، وتجيب هل صبوا جهدهم الإبداعي في مجال الواقعية أم أنهم مروا عليها مع إدخال أنواع أخرى؟ وقالت: أعتقد (وقد لا يوافقني البعض) أن التأليف الروائي الذي ينطلق من الواقعية هو الأبسط والأفضل عند الكتابة والتأليف في هذا المجال كتجربة أولى. وأضافت: لكنها ليست بالسهولة التي قد يحسبها البعض. وتابعت: هناك روايات عديدة نشرت كانت تحمل هموم مجتمعية أو تناولت قضايا مجتمعية، وكأنها أخذت من هذه الهموم أو القضايا منطلقاً لإتمام العمل الروائي. وقالت: لكنني لا أستطيع الجزم إن كانت قد نجحت في تناولها وعلاجها بشكل مكثف وسليم، ولكن المؤكد أن الواقعية حاضرة في عدة أعمال روائية إماراتية ولا يمكن للعين أن تخطئها. من وحي البيئة وقال الروائي والشاعر هزاع علي أبوالريش : بشكل عام الكتابات الإبداعية هي رسالة إلى المجتمع والعالم حول ما تهتم به بيئة المبدع. وأضاف: إن توظيف المبدع للواقع في كتاباته يتضمن الكثير من الرسائل. وأضاف: أغلب كتاباتي عن الحياة المحلية، ومن الجميل أن يستثمر المبدع الكثير في صياغة رسائل تصب في خدمة الوطن، وهو ما أهتم به كثيراً مثل روايتي «تل زاخر» التي تصب في النشأة المحلية. ورأى أبوالريش أن كل كاتب يطمح إلى نقل تجربته إلى الخارج لنقل رسائله الخاصة ورسائل مجتمعه المحلية.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :