تزامن تقريباً تأسيس جمعية النهضة النسائية في المملكة، مع تعليم المرأة، ولعل الجمعية إحدى الأشجار الوارفة التي أعقبت وصول الشمس إلى حقول النساء عبر البوابة المواربة، وإن كان اسم الجمعية يختزل الكثير من الاحتدام، إلا أنها اختارت في البداية أن تتبنى أنشطة متحفظة حذرة تسير على ضفاف القضايا النسوية ولا تخوض غمارها، لتكتفي بالأنشطة الخيرية وبرامج التدريب والتأهيل. فالجمعية كانت حريصة على أن لا تمثل استفزازاً لمحيطها، لأن فكرة تأسيسها بحد ذاتها كانت تعكر الذائقة النمطية، نظراً لكون المرأة لدينا تقبع داخل مجتمع ذكوري أبوي قائم على نظام الولاية مما يخلق صعوبة واضطراباً في تحديد هويتها الخاصة المستقلة التي ترتاد جمعيات خاصة بها، فهي كائن غير مستقل بل متمم، جزء ظلي من الأسرة، يتحقق عبر الآخرين أم فلان أو ابنة فلان، في ظل مجتمع أوكل إلى الرجل صياغة القرار. ولكن هذا لا يمنع أن صمتها وهدوءها كان يعكس حالة إنصات عميق لوقع خطوات المجتمع، وفي حالة يقظة تامة إلى تبدلات الصيرورة التاريخية، والتبدلات التي تحققها تلك الصيرورة، لنجد الجمعية حاضرة عندما تكون هناك حاجة لدعم المرأة وتمكينها ومدها بالخبرة والآليات التنفيذية، فمع انخراط المرأة في سوق العمل الخاص نظمت دورات لتدريب بائعات الكاشير، الخياطة المصنعية، مشروع التدريب التقني، دورة سلوكيات بيئة العمل. والآن مع ترقب دخول المواطنة السعودية غمار الانتخابات البلدية، لم تستطع أن تبقى في مقاعد المتفرجين فنظمت ورش إعداد مدربات، يدربن الناخبات والمنتخبات، ليضمن نجاح خطوة تاريخية كبرى خطتها المرأة السعودية كمواطنة تشارك لأول مرة في الانتخابات البلدية .... إنها النهضة. ولأن حقول النخيل تبسق سوياً هنا لا يفوتنا الاحتفاء بمبادرة بلدي التي قامت بمجهودات باقة من نساء الوطن المخلصات، وتمكنت من تدريب أكثر من ثلاث مئة سيدة سعودية للتعرف على عمليات ومراحل الترشح والانتخاب وقيادة الحملات الانتخابية للمجالس البلدية ورفع مستوى ثقافة الانتخاب، وعبر 13 ورشة عمل، مستندة بمادتها العلمية على نفس اللوائح الخاصة بانتخابات المجالس البلدية وعمل البلديات ومهام المجالس البلدية. بالإضافة إلى استعراض أمثلة للنظم الانتخابية في بعض الدول العربية وغير العربية. جميع هذا بمبادرات اجتماعية مستقلة، واستطاعت أن تتجاوز كل الصعوبات والعراقيل، وتكمل مسيرتها محاولة الوصول لهدفها المأمول. ألف باء.. الانتخابات البلدية تتجلى بأطياف باذخة الجمال.. تجعلنا على يقين بأن النساء ستخوض غمارها بكل لياقة وخبرة وتمكن.. بإذن الله. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net
مشاركة :