عبد اللطيف الزبيدي لماذا ظلت الدول الاستعمارية استعمارية؟ لماذا لم تجد فكرة أفضل للعالم من إعادة الاستعمار والإصرار عليها؟ أليست الحضارة الغربية تدعي أنها أمّ القيم التي سترتقي بالعالم؟ لكن المأساة هي أن هذا الارتقاء أتى على طريقة ذلك المنجم الذي حكم عليه بالإعدام، في الطريق إلى المشنقة سأله الجلاد: أنت منجم، فكيف لم تتنبأ بمصيرك؟ قال: لقد تنبأت، رأيت نفسي في مكان مرتفع، لكنني لم أعلم أنه المشنقة. معاذ الله انصراف الذهن إلى أن الحضارات الكبرى تصاب عند انحدارها بعمى القلب حتى لا نقول بالحماقة، وإن كانت مرادفة الغباء من استخدام مستشار الأمن القومي الراحل بريجنسكي القائل في أواخر عهد الإمبراطور بوش الابن: «إذا استمرت الإدارة الأمريكية في حماقاتها، فإن الولايات المتحدة ستطرد من الشرق الأوسط كله». ما الذي جعل القلم يتزحلق إلى هنا؟ آه، لقد كان كلام الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الذي قال لوكالة فرانس برس: «في سوريا انتصر كل من لم نرغب في انتصارهم». توهم أن اسمه سيكون الفيصل. «هولاند» أي: «هُوَ لا ندّ» له، فريد عصره، ووحيد دهره. في الزلازل الاستراتيجية من العسير أن تتحلى الدول بروح رياضية، الجغرافيا السياسية ليست ككرة القدم، التي ليس فيها دمار ودم. الانهزام في أفغانستان كان نذير السقوط السوفييتي. ندع التنبؤات للنظام العربي الذي له ألف سابقة نبوغ وقراءة مستقبلية للأحداث والحوادث والحادثات، فهو، شكر الله سعيه، طمأننا إلى أنه العين الساهرة وعلينا أن ننام، لكن، حين صحونا رأينا أن الخريطة العربية كعكة والسكاكين تعمل بلا هوادة. ما قاله الرئيس هولاند يهمنا شقه الذي لم يقله: هل كان سينبس ببنت شفة لو كانت سوريا وبلاد عربية أخرى قد صارت في الغداة لرحاهم طحيناً؟ ألم يذهب ساركوزي إلى ليبيا لإنقاذها من القذافي فاندثر ستون ألف ليبي، فهل يعلم ساركوزي أن البلد «صار قوزي»؟ هل أصبحت نظرية الفوضى الخلاقة، نظرية مبدعة؟ قمة قيم الحضارة الغربية هي أن تجعل بلداننا العربية فئراناً للمختبرات الاستعمارية. لزوم ما يلزم: النتيجة المحالية: كان مستحيلاً على الدول الاستعمارية أن تفكر في التكفير عن سيئاتها بالمشاركة في تنمية المستعمرات سابقاً لإثبات قيمها الحضارية. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :