خواطر في القمة الروحية

  • 5/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عبداللطيف الزبيدي هل سمع القلم صرخات استغاثة الإسلام والمسيحيّة في المؤتمر العالميّ للسلام في القاهرة، من شيخ الأزهر والبابا؟ ثمّة أطراف لم تسمع، تداولت سمعها الأنامل العشر، «وربّ منتصتٍ والقلب في صمم»: تجارة الأسلحة، النهم إلى الثروات، والخطط التوسعيّة.خطابا الرجلين كانا متجاوبين. قلب شيخ الأزهر كان أعلى أنيناً، وأوقع رنيناً، بينما كان البابا بليغاً في إشاراته. هو يعرف أن القيم في عصر حق القوّة، يجب أن تتحلى بالدبلوماسيّة. يدرك أن عصرنا يحكمه المال والسلاح لا المبادئ. هذان هما الشكل المتقدّم لقانون الغاب. أمّا المُثل العليا فهي للحالمين. حتى الفلسفة ارتمت في أحضان حقّ القوّة، صار الفلاسفة والمفكرون يهيمون بالقيم المضادّة: «صراع الحضارات»، «نهاية التاريخ». كلام البابا طيّب وصادق يدركه التائقون إلى عالم إنسانيّ: «يجب وقف انتشار الأسلحة التي إن تمّ تصنيعها وتسويقها فسوف تستخدم عاجلاً أو آجلاً». لكن، أليس حلماً الحديث عن إمكان وقف صناعة السلاح؟ ستقول الدول: بماذا سندافع عن أنفسنا في عالم لا مفرّ فيه من الحروب؟ قداسة البابا احتاط فخصّص: «يجب ردع تدفق الأموال والأسلحة نحو الذين يثيرون العنف». هذه هي المسألة: من هم الذين يثيرون الفتن؟ هل العالم العربيّ هو الذي أراد تدمير نفسه على النحو الذي وصفه شيخ الأزهر: «لا يزال العقلاء وأصحاب الضمائر اليقظة يبحثون عن سبب مقنع وراء هذه المآسي... فلا يظفرون بسبب واحد منطقيّ يبرّر هذه الكوارث». السبب الوحيد في نظر سماحته: «تجارة السلاح وتسويقه، وضمان تشغيل مصانع الموت، والإثراء الفاحش من صفقات مريبة، تسبقها قرارات دوليّة طائشة». المحيّر هو التفكير في هذه القمّة من زاوية عمليّة: ما الذي يمكن أن تنتظره الإنسانيّة من هذا اللقاء الرفيع؟ براجماتية القوّة قائمة على نظام اقتصاديّ عالميّ لو تغيّر مساره وآليّاته لانهار اقتصاد العالم. عقلانيّاً: حسابيّاً، ثمن السلام العالميّ يفوق تكلفة الحروب، لأن الإنسان لا أهمّية له في المطحنة الدّوليّة. الكارثة هي أنه لو توقفت مصانع السلاح لانهار اقتصاد الولايات المتحدة، وجرّ انهيار الاقتصاد العالميّ، وأكل الأقوياء الضعفاء ولو بالهراوات. المصيبة اليوم تكمن في الحروب الجديدة: الأقوياء يتحاربون بالضعفاء ويغنمون استراتيجياً وجيوسياسياً واقتصاديّاً. يبقى على البشريّة المطوّقة بقرابة عشرين ألف قنبلة نوويّة أن تحلم باقتصاد عالميّ خالٍ من تجارة السلاح وما تتطلبه من حروب. لزوم ما يلزم: النتيجة المثاليّة: أقصى ما ننتظره من لقاء الأديان ليس أن توقف الحروب، وإنما أن تتعاون لمنع سوء استغلالها في افتعال الحروب. abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :