تحدثنا في المقال السابق عن أهمية العلامات التجارية ودورها البارز في جذب العملاء والمستهلكين للإقبال على شراء السلع والمنتجات التي تتوافق مع متطلباتهم، وأشرنا إلى اتجاه العديد من دول العالم نحو سن القوانين والأنظمة فضلاً عن إبرام المعاهدات لمكافحة الانتهاكات والاعتداءات التي تقع على العلامات التجارية، وما زلنا نواصل الحديث حول هذا الموضوع. واستكمالاً لحديثنا عن نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28/5/1423هـ فقد تناول هذا النظام الأثر الناتج عن تسجيل العلامات التجارية في إضفاء الحماية عليها، حيث ينتج التسجيل أثره من تاريخ تقديم طلب التسجيل وإثبات هذا التاريخ، وبعد الانتهاء من هذا الإجراء يعد من قام بتسجيل العلامة مالكاً لها دون غيره، وعندها لا يحق لأي شخص الانتفاع بها أو بأي علامة تجارية أخرى إلا بعد الحصول على موافقة مالكها، وفي حالة عدم الالتزام بهذا القيد يحق لمالك العلامة اللجوء للقضاء لمنع الغير من الانتفاع أو استعمال العلامة التي يتمتع بحق ملكيتها. كما كفل المنظم حماية فاعلة لحقوق الغير في العلامات التجارية عند نقل ملكيتها لهم بأي تصرف ناقل للملكية أو عند رهنها أو الحجز عليها، إذ لا ينتج أثر هذه التصرفات تجاه الغير إلا بعد شهرها والتأشير بها في سجل العلامات التجارية. وقد تناول هذا النظام أيضا العقوبات التي تطبق بحق مرتكبي أي مخالفة لهذا النظام، ومن ذلك ما جاء في المادة الثالثة والأربعين التي نصت على عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسين ألف ريال ولا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين بحق كل من يزور علامة تجارية مسجلة أو يقلدها بطريقة تتسبب في تضليل الجمهور، أو من يستعمل بسوء قصد علامة مزورة أو مقلدة، أو كل من يضع بسوء قصد على منتجاته أو يستعمل فيما يتعلق بخدماته علامة مملوكة للغير، أو كل من يعرض أو يطرح للبيع أو يحوز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة أو مستعملة بغير وجه حق مع علمه بذلك. كما شدد النظام من العقوبة في حالة العود حيث يعاقب العائد بعقوبة لا تزيد على ضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للمخالفة مع إغلاق المحل التجاري أو المشروع لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد على ستة أشهر. وفي حالة وجود أي اعتداء على العلامة التجارية فقد أجاز النظام لمالك العلامة في أي وقت أن يستصدر -بناءً على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة- أمراً من ديوان المظالم لاتخاذ بعض الإجراءات، ومنها توقيع الحجز على الأدوات التي استخدمت في ارتكاب المخالفة أو المنتجات التي وضعت عليها العلامة التجارية موضوع المخالفة، شريطة أن يتبع هذه الإجراءات التحفظية رفع دعوى مدنية أو جنائية على من ارتكب هذه المخالفات حتى تنتج هذه الإجراءات أثرها وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ اتخاذ هذه الإجراءات. وينعقد الاختصاص في الفصل في جميع الدعاوى المدنية والجنائية والمنازعات الناشئة عن تطبيق هذا النظام وتوقيع الجزاءات المقررة لمخالفة أحكامه لديوان المظالم. وفي الختام يحدونا الأمل لبلوغ الغاية المرجوة من مكافحة الاعتداءات الواقعة على العلامات التجارية ضرورة أن يتم نشر الوعي الثقافي لوقاية المستهلك من الخداع والتضليل والخلط بين السلع والمنتجات، وتفعيل دور الالتزام بالإعلام في التعاقد لتفادي وقوع المتعاقد حسن النية في غرم فادح، والمبادرة نحو إصدار نظام خاص بحماية المستهلك نظراً للحاجة الملحة التي تتطلب صدوره ونأمل أن يتم ذلك في القريب العاجل. المحامي والمستشار القانوني
مشاركة :