قبل أكثر من سنتين من بدء تطبيق "التبادل الآلي للمعلومات"، أعلن القطاع المصرفي في سويسرا، أنه على استعداد لتطبيق هذا المعيار الجديد تحت إشراف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مضيفاً أنه "حالما يحل عام 2017، ستبدأ السلطات السويسرية جمع البيانات من أجل أن تكون جاهزة عند التبادل التلقائي في الأول من كانون الثاني (يناير) 2018". وسيتم وضع الأسس القانونية اللازمة لتطبيق المعايير الدولية للتبادل الآلي للمعلومات، حتى 2018، وهي معايير تستند في جوهرها إلى مبادئ قانون "فاتكا" الأمريكي الشهير (قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية) الذي أصدرته الحكومة الأمريكية رداً على اكتشاف فضيحة مصرف يو بي إس السويسري في عام 2007 باستقباله أموال أثرياء أمريكيين هاربة من الضرائب. وأكد كلود-ألان مارجيليش، مدير الرابطة السويسرية للمصرفيين، وفرانكو مورا، رئيس جمعية المصارف الأجنبية في سويسرا، أن السوق المالية على استعداد لتطبيق المعيار الجديد. واتفق المصرفيان على أنه بهذا المعيار "ستخرج سويسرا من الأزمات السابقة وهي أكثر قوة، وستستفيد المصارف من سمعة أفضل"، كما ستكون السوق المالية أكثر قابلية على التنبؤ بمسارات الأسواق، طبقاً لما أكده مدير مصرف "إتش إس بي سي" الخاص في جنيف. لكن، فابريس فيليز، مسؤول القضايا الضريبة في وزارة الاقتصاد السويسرية والمنسق العام مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نبه إلى أن عدم احترام قواعد التبادل الآلي للمعلومات يمكن أن يدفع المنظمة إلى استبعاد بلد شريك، وإخضاعه لعقوبات، وقد التأم الأربعة في مؤتمر صحفي نظَّمته الرابطة السويسرية للصحفيين في جنيف أمس، حضرته "الاقتصادية". من جانبه، قال مدير الرابطة "إن السوق المالية السويسرية ستستفيد من خضوعها لمعيار واحد بدلاً من التعامل مع عدة معايير مختلفة التي تجعل من وضع السوق أكثر تعقيداً وأكثر تكلفة". ومع ذلك، فقد أثارت القضايا المتصلة بمبدأ المعاملة بالمثل في التبادل التلقائي للمعلومات، وحماية البيانات المصرفية المقدمة للسلطات الأجنبية من التسرُّب، عديدا من الأسئلة والنقاش خلال مؤتمر صحفي عقد بهذا الشأن في جنيف. من الناحية التقنية، فالتبادل الآلي للمعلومات هو معيار عالمي واحد سيتم تطبيقه في نحو 90 بلدا، وهو يستند إلى مفهوم "التخصص"، ويمنع استخدام المعطيات المصرفية إلا للأغراض الضريبية، والمعلومات المرسلة ستخضع لمعايير صارمة تتعلق بحماية البيانات، وسيعمل النظام في مجمله على أساس مبدأ المعاملة بالمثل بين البلدان، طبقاً لما أكده الأربعة. هذا من حيث المبدأ، لكن ماذا سيحدث عند تطبيق المعيار؟ أجاب نافارو، أنه مهما تعددت آليات التبادل، فالتدابير على اختلافها تضمن في آخر الأمر خضوع جميع البلدان لشروط متساوية في التبادل الآلي للمعلومات، لا تتمتع دولة بميزة خاصة على أخرى. وأضاف أن "سويسرا تدعم المعيار الدولي الجديد وستشارك فيه بنشاط"، وطالما ينطبق هذا المعيار على جميع المراكز المالية، فإنه سيسمح بتحقيق منافسة عادلة، ويشكل أداة مهمة في مكافحة التهرب من الضرائب، وأن تنفيذ المعيار العالمي الجديد ليس له أي تأثير في الخدمات المصرفية السرية على الصعيد الوطني، أي أن المصارف السويسرية، على سبيل المثال، لن تقدم معلومات عن الحسابات المصرفية لعملائها لدائرة الضرائب السويسرية. وأشار إلى أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع "المنتدى العالمي المعني بالشفافية وتبادل المعلومات لأغراض ضريبية" سيجريان معاً فحوصات وتدقيقات حول طريقة عمل المصارف في التبادل الآلي للمعلومات المصرفية، كما يمكنها أن تطبق ما يُعرف بمسمي "تدقيقات الأقران" أي مراقبة التبادل الآلي بين بلدين معينين للتحقق من صدقية تبادلهما المعلومات ووفائهما بالمعايير. من جانب آخر، سيؤدي عدم احترام متطلبات حماية البيانات المصرفية من قِبل الدولة المتلقية إلى الوقف الفوري لتقاسم المعلومات مع هذه الدولة، طبقاً لما قاله المسؤول في وزارة الاقتصاد السويسرية. وتم إنشاء المنتدى العالمي للشفافية في بداية الألفية الثالثة كجزء من عمل منظمة التعاون والتنمية للتصدي لمخاطر الامتثال الضريبي في الملاذات الضريبية، لكن المنتدى أُعيد بناؤه في أيلول (سبتمبر) 2009 استجابة لطلب من مجموعة العشرين بتعزيز تنفيذ هذه المعايير. ومنذ ذلك الحين أصبح المنتدى يضم 125 عضواً، وهو أول منظمة دولية تهدف إلى ضمان تطبيق المعايير المتفق عليها على الصعيد الدولي للشفافية وتبادل المعلومات في المسائل الضريبية. ويثور تساؤل حول أين يمكن أن تكون مكامن التسريب، وما المسؤولية القانونية للمسؤول عن التسريب؟ ويجيب فيليز، بأن معظم حالات سرقة البيانات لم تُرتكب من قِبل العاملين في إدارات الضرائب بل غالباً ما يقوم موظفو المصارف "بالتسريب"، أما المسؤولية القانونية لـ "المُسرِّب" فهي خاضعة للقوانين المحلية، ولا توجد قوانين دولية تحاكي هذا الأمر. ولكن هل يمكن لمركز مالي أن يبقى بعيداً عن إجراءات التبادل الآلي للمعلومات التي أعدتها منظمة التعاون والتنمية؟ يؤكد، فيليز، أن البلد الذي لا يمتثل للقواعد التي حددتها المنظمة سيخضع لعديد من الضغوط.
مشاركة :