رياضتنا محلك سر.. و«الهيئة» لم تقدم شيئاً

  • 11/18/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حوار : عصام هجو في حوار لا تنقصه الصراحة التقينا القطب الشرقاوي يحيى عبد الكريم صاحب التجارب والخبرات مع كرة الإمارات عبر أكثر من موقع، وتطرق الحوار إلى كل ما تعج به الساحة والشارع الرياضي من هموم وقضايا، وقد أدلى بدلوه كعادته، بقوة وجرأة، ووضع النقاط على الحروف، من خلال ثقافته وخبراته الخاصة كلاعب دولي سابق، وكإداري متمرس تدرج في المناصب حتى أصبح رئيساً لمجلس إدارة نادي الشارقة، فصلاً عن مشواره الحافل مع إدارة اتحاد الكرة من عضوية مجلس الإدارة، إلى المشاركة في تأسيس رابطة دوري المحترفين، ثم عضوية مجلس الشارقة الرياضي. بداية نسجل أن المحصلة كانت ثرية وغنية بجملة من الآراء القيمة والمثيرة للجدل، في المشهد الكروي الحالي وفي رياضة الإمارات بصفة عامة. وإليكم تفاصيل الحوار: * كيف ترى المشهد الرياضي الآن؟ - المشهد الرياضي للأسف غير مبشر، حيث كنا نأمل خيراً ونترقب تطوراً رياضياً في جميع الألعاب، لكن ما زلنا «محلك سر»، وتوقعنا أن يكون هناك تطوير ونقلة وتغيير في التعامل الرياضي مع التغيير الذي حدث على مستوى الهيئة والأجهزة والمؤسسات الإدارية المسؤولة عن القطاع الرياضي بالدولة، لكن لم يحدث شيء، وما زلنا نعيش نفس المشكلات والأزمات التي كانت تعيشها رياضتنا منذ 30 سنة، ولم يتغير شيء في المشهد، باستثناء بعض التفاصيل غير المؤثرة في الواقع ومحصلته منذ ثلاثة عقود من الزمان، فنفس السيناريوهات تتكرر بالكربون من عام لآخر، ويمكن أن نقول إنها ازدادت وكبرت وتعقدت أكثر في ظل تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي، وأمامنا أمثلة عديدة.. في مقدمتها معاناة المنتخبات جميعاً، وأعني بذلك منتخبات كل الألعاب وليس كرة القدم وحدها أو تحديداً، وكذلك الأندية تعاني نفس المشكلات القديمة، كمشكلة حصول لاعبي المنتخبات على الإجازات، ومشكلة تغيير الأجهزة الفنية، وغيرها من المشكلات المزمنة. ويسترسل في الإجابة قائلاً: «كان لدينا منتخب كرة مميز تعبنا عليه في كل مراحل تكوينه، لكن لم نستفد منه ولم يصل بنا إلى ما كنا نصبو إليه، وما يحدث في رياضتنا أمر غريب وعجيب، مقارنة بتطور دولة الإمارات في كل النواحي اقتصادياً ومجتمعياً وصناعياً، فكل القطاعات تسير إلى الأمام إلا الرياضة التي ما زالت بواقعها ومشاكلها محلك سر، ولا أستطيع أن أقول إن هناك تخبط، ولكن قد يكون تداخل الاختصاصات سبباً مباشراً في ما نحن فيه الآن، فهناك تداخل واضح في اختصاصات الهيئة العامة للرياضة مع اللجنة الأولمبية، ومع اتحاد الكرة والأندية، فكل طرف يعمل بمفرده ويغني على ليلاه كما يقال، لدرجة أننا أصبحنا نشعر بأن هناك شيئاً ضائعاً في رياضتنا، وهذا التشتت يؤثر في الرؤية العامة والقرار الاستراتيجي بكل تأكيد، وما أريد أن أصل إليه في هذه الجزئية هو أن رياضتنا تفتقد الهدف الذي يجب أن يعمل له الجميع، كل من موقعه، فنحن بلا خطة عامة وبلا أهداف مرحلية معينة، وليس لدينا توجه عام نسير عليه، والسبب المباشر لذلك هو عدم الانسجام، وعدم توزيع الأدوار بدقة على كل جهة. ومن المفترض أن تكون هناك توجهات عامة، وخطوط عريضة متفق عليها لا نحيد عنها، وتوضع خطة طويلة لمدة 10 أو 15 سنة كي نصل إلى الهدف الموضوع، فالعمل في الرياضة لبناء اللاعبين والمنتخبات مستمر ولا ينتهي، فأنت تبني وتدير إنساناً، وليس جهازاً يشتغل بشحن البطارية! والعلم والثقافة مطلوبان في عملية البناء فلابد من أن يكون الرياضي مثقفاً ومتعلماً، وليس فقط رياضياً متميزاً في لعبته». حرقنا مراحل الاحتراف * وانتقلنا بالحديث من العموميات إلى بعض الموضوعات المحددة، وسألته عن رأيه في ما كسبناه من نقلة الاحتراف؟ فقال: - «لقد دخلنا في مرحلة الاحتراف بسرعة فائقة وصعدنا لأعلى درجة في السلم من دون تدرج أو تمهل واستيعاب لضرورات كل درجة أو مرحلة على هذا السلم، فالأمر ليس عقود لاعبين واتفاقات مالية وحسب، فالعملية الاحترافية تتطلب تجهيز الكفاءات الإدارية أولاً لإدارة المنظومة، فكيف يدير شخص هاوٍ عملاً احترافياً؟ ومن الأمور المعقدة التي خبرتها وعاصرتها شخصياً، أنني طالبت وناشدت بأن تكون رابطة دوري المحترفين منفصلة عن اتحاد الكرة من اللحظة الأولى، ولكن لم يتحقق ذلك وقوبل طلبي بالرفض، والسبب في الرفض وقتها ارتبط بوجود شخصين غير متوافقين في العمل، أحدهما في الرابطة والآخر في الاتحاد، ودفعت كرتنا ثمن هذا التعنت وشخصنة الأمور، والآن بعد انقضاء 9 سنوات عدنا إلى المربع الأول من جديد، لنقرر فصل الرابطة عن الاتحاد، وبالتالي أضعنا على أنفسنا 9 سنوات من عمر الرياضة الإماراتية بحكم أن الكرة عمودها الفقري». أزمة ألعاب القوى * يقال إن القاسم المشترك في معظم المشكلات التي تواجهها الحركة الرياضية حالياً مرتبط بمحصلة الانتخابات.. ما تعليقك؟ - الأزمة التي مرت بها ألعاب القوى جسدت هذه الظاهرة بوضوح، وكل شيء في تلك الأزمة كان واضحاً منذ البداية، ولم يكن بحاجة إلى تفكير أو تأويل أو حتى اجتهاد في معرفة المخطئ والمصيب ما بين الرئيس والأعضاء، ولكن مشكلتنا هي أننا نتعامى عن الأخطاء ونسكت عنها حتى تتفاقم، فالمخطئ يجب أن يحاسب، ولكن هناك من «يضع العصا في الدولاب» ليوقف المراكب السائرة، المفترض أن من ليست لديه القدرة على العطاء أو النجاح، أن يرفع الراية البيضاء وينسحب بهدوء، ويقول أنا فشلت ولا أستطيع مواصلة المشوار، من دون مكابرة، حتى يأتي غيره، باختصار نحن في مفترق طرق ولا نعرف أين السبيل. * نحن مقبلون على انتخابات 2020 فكيف ترى النظام الأمثل لتشكيل الاتحادات الرياضية؟ - قال يحيى عبد الكريم: إجابتي ستكون غريبة وقد لا تكون متوافقة مع السؤال.. النظام الأمثل هو ما يوفر لنا عناصر تتمتع بالكفاءة والخبرة والشغف والرغبة في العمل والنجاح، مسلحة بالعلم والثقافة كأول بنود يجب أن تكون متوفرة في من يريد أن يخدم في مجال العمل الرياضي، ولكن عندنا يتقدمون للمناصب من أجل البرستيج والوجاهة الاجتماعية، وما نراه الآن، هو أقصى مراحل الفشل، فأنْ يخرج المسؤول أمام الملأ، وعلى شاشات الفضائيات التي يشاهدها كل العالم ليقول للناس أنا لم أفشل، ولكن لم أنجح ولم أوفق، فهذه مراوغة وتلاعب بالكلمات ومعانيها ليس إلا، فالمسؤول الذي لم ينجح ولم يوفق فاشل، ولكنه ومن على شاكلته يفلسفون الأمور، ويفسرون الماء بالماء بعد جهد جهيد، فالفشل وعدم النجاح معناهما واحد، فالمسؤول الذي يبرر الفشل بأنه عدم نجاح، شخصياً لا أفهم قصده ومغزاه وهدفه. ويضيف: قد يكون كلامي السابق بعيداً عن الإجابة التي تنتظرها، لكننا في قلب الموضوع ولم نخرج عنه، فبعد أن تتوفر العناصر المتمتعة بالصفات التي ذكرتها، نختار من تتوفر فيه البنود المذكورة أعلاه لنصل بعد ذلك إلى ضرورة وأهمية وجود جمعيات عمومية فاعلة، لا تتعامل بالعاطفة أو بالخواطر والعلاقات، والتربيطات، لكن ما نشاهده في الساحة يؤكد أنها انتخابات تدار ب«الريموت كونترول» تلغي الكفاءة، وتؤسس للعاطفة والمجاملات بدليل أن مندوب النادي الذي يحمل ورقة الترشيح لأي اتحاد، أحياناً يصوت لشخص لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئاً؛ لأنهم «قالوا له صوت لفلان»، وبالتالي من الطبيعي أن تفقد الاتحادات الانسجام في العمل، وأن تكون رياضتنا في معاناة متجددة ودوامة مستمرة. * تحديداً.. ماذا تفضل في خيارات التشكيل؛ نظام القوائم أو الترشح الفردي؟ - ليس هناك نظام أمثل ونظام غير أمثل، إذا أتينا بالشخص الكفؤ صاحب الفكر والرغبة والشغف والخبرة والتعليم فهذا هو الأمثل، وأنا شخصياً أقولها واعترف بأنني كنت من أكثر المتحمسين لمروان بن غليطة في الانتخابات السابقة لأجل التغيير والتطوير الذي كنت آمله وانتظره، ولكنني الآن أراجع نفسي بشدة، بسبب التخبط الذي يعيشه اتحاد الكرة، ولذلك لم أخض معكم كثيراً في هذه الجزئية، فالكفاءة ثم الكفاءة هي الفيصل في النجاح من عدمه، ويجب أن نركز على اختيار الكفؤ والشغوف وصاحب الرغبة والمتعلم المثقف وهم كثر، ويمكن أن يقدموا الأفضل في المستقبل في حال حصلوا على الفرصة، ولكن في حال تعاملنا بالعاطفة المسيطرة بنسبة 100%، فلن يكون هناك جديد. وقال لدينا كفاءات غير مستغلة، ولدينا كفاءات وصلت ولم تستطع العمل وهي موجودة وغير موجودة، موضحاً أنه يجب أن يُفرق الشخص الذي يتقدم للعمل في أي اتحاد بين الانتماء والعمل في الاتحاد الوطني ويجب ألا نخلط الأمور. * ما هي المواصفات التي ينبغي أن يتصف بها رئيس الاتحاد في الدورة القادمة؟ - أول صفة وشرط هو أن يكون من خريجي المستطيل الأخضر، بجانب العلم والثقافة، ولدينا من اللاعبين الذين مارسوا الكرة واصبحوا نجوماً وتعلموا وطوروا أنفسهم ويعملون في درجات وظيفية محترمة، ومن الأمور التي أراها مهمة أن يكون متحدثاً لبقاً وقادراً على التعامل مع الإعلام في كل المواقف، وحتى لا تختلط الأمور هناك أشخاص يتصفون باللباقة، لكنهم لم يمارسوا الكرة والرياضة بصفة عامة، لأنهم يتحدثون من دون خلفية رياضية. وقال: هذه المواصفات يجب أن تتوفر في كل مسؤول رياضي وليس رئيس اتحاد الكرة فقط، إضافة إلى أمور أخرى مثل الابتكار والبحث عن الأفضل والطموح المتجدد. وقال: للأسف معظم المسؤولين في العمل الرياضي لم يمارسوا الرياضة خصوصاً في كرة القدم، فكيف تكون على رأس منظومة لم تعترك في ميادينها ولا تعرف خباياها وأسرارها. أما إذا عدنا للحديث عن رئيس مجلس إدارة الاتحاد، فهو من يقود الدفة، وأول شخص توجه له الأنظار في حالة الفشل، وهو رئيس المؤسسة أو الاتحاد أو النادي؛ لأنه المسؤول الأول عن الفشل، وعندما نصل إلى مرحلة أن رئيس الاتحاد الفلاني تقدم باستقالته بسبب الفشل، حينها يمكن أن نصحح المسار، لكن في ظل تعليق الإخفاقات على المدربين والموظفين واللاعبين، سنظل في أماكننا ولن يكون هناك جديد. * وكيف ترى منتخب الإمارات وموقفه حالياً في هذه المرحلة من التصفيات؟ - قبل أن يلعب منتخبنا مباراته مع فيتنام بيومين قلت بصريح العبارة: «لست متفائلاً»، وقلت ليس لدينا منتخبا الآن، وأعني بذلك ليس لدينا منتخب لتحقيق الآمال والتطلعات، فقد كان لدينا منتخب كبير ومميز من كل النواحي، لكننا فرطنا فيه من دون أن يحقق لنا طموحنا الأهم بالوصول إلى النهائيات العالمية، على الرغم من أن كل مقومات الذهاب بعيداً كانت متوفرة فيه، فالمنتخب السابق الذي كان قبل 5 أو 6 سنوات، أعتبره أفضل من المنتخب الذي أوصلنا لكأس العالم 1990، ولكن لم نستفد منه والسبب المباشر لذلك سوء اختيار الأجهزة الفنية وعدم التخطيط السليم، وهذا مرده لسوء التنظيم والإدارة، وغياب الانضباط، فعندما يغيب الانضباط والمحاسبة يضيع كل شيء، فالانضباط أهم عنصر في الرياضة، ولا نجاح من غير انضباط، فإذا لم تلتزم به لن تحقق شيئاً، فقد كان منتخباً يملأ العين قوامه 30 لاعباً، وكان يمكن أن يكون منتخبين وليس منتخباً واحداً، لكننا كما ذكرت أضعناه وأضعنا معه أحلامنا وتطلعاتنا. فالمنظومة الرياضية متكاملة إذا لم تستطع ضبط لاعب واحد فقد ضاع منك 30 لاعباً دفعة واحدة. وأضاف: على الرغم من ضعف درجة التفاؤل عندي وعند جمهور الشارع الرياضي، أتمنى أن يصل منتخبنا إلى منصات التتويج الآسيوية، وإلى نهائيات كأس العالم القادمة، وعذراً لأننا بتنا لانمتلك سوى الأمنيات. وعن توقعاته حول ما إذا كان المنتخب الأول يستطيع الفوز بكأس الخليج القادمة قال: صعب جداً، ولا أعتقد إمكانية حدوث ذلك، وسبق أن كنا في موقف مشابه للموقف الحالي وقابلت المدرب الروسي لوبا نوفسكي، وقال لي أنتم تهتمون بكأس الخليج، وأنا أهتم بالوصول إلى كأس العالم 1994، وكنا نستطيع وقتها الوصول إلى المونديال في 1994 للمرة الثانية على التوالي، ولكن بسبب المشاركة في كأس الخليج وإقالة المدرب لوبانوفسكي آنذاك فقدنا فرصة التأهل؛ لأننا ركزنا على كأس الخليج. وقال: من وجهة نظري وعلى الرغم من ضيق الوقت يمكن أن نبني منتخباً جديداً يشارك في كأس الخليج يكون نواة لمنتخب المستقبل كي يتشبع بالضغوط من الآن، فكأس الخليج بطولة حافلة بالضغوط ويجب أن نستفيد منها بتأسيس منتخب جديد. وأعتقد أنها فرصة لبناء منتخب من جيل جديد، أما إذا كانت كل الخطط ستتحول لأجل الفوز بكأس الخليج فلا أعتقد أننا سننجح.

مشاركة :