قبل أكثر من عشرين عاماً كانت هناك دراسات ومقترحات في الإدارة العامة للمرور تقدم رؤى من أجل تخفيف شيء من الازدحام المروري اليومي الذي نعاني منه، وقد اقترح أحد الضباط بأن نرفع سقف الراتب للوافد للحصول على رخصة القيادة،... وفعلاً تم ذلك رغم تحفظي على هذا الاقتراح آنذاك عندما كنت مديراً في الادارة. وسبب تحفظي في ذلك الوقت على عدم ربط رخصة القيادة بالراتب أن هناك جامعيين رواتبهم أقل من السباك والنجار، وأن التحكم بالراتب قد يتلاعب به أرباب العمل لعدم وجود آلية مدروسة بتحديد الرواتب والأجور... فكانت النتيجه أن معظم العمال يمتهنون مهناً وهمية براتب عالٍ ليتمكنوا من الحصول على رخصة القيادة. من وجهة نظري فإن المشكلة المرورية تتلخص في ثلاثة محاور؛ أولها حوادث الطرق: وهذا المحور ليس سببه الوافدون وحدهم، وليسوا هم المعنيين فقط بهذه المشكلة، فكلنا معرضون لمثل هذه الحوادث، وثانيها الازدحام المروري: وهذا ناجم عن عدم التخطيط السليم في توزيع وبناء المناطق السكنية والخدمية وأماكن التسوق، وهو ما أدى إلى الازدحام المروري، وهذا أيضا ليس للوافد ذنب فيه. فعلى سبيل المثال هناك مجمع ضخم في منطقة الكراجات وليس له الا مداخل محدودة ما يسبب الازدحام ليلاً ونهاراً، إضافة إلى وجود وزارات عدة في منطقة محدودة وعديمة المواقف، ومدن تبنى بعيدة عن كل الخدمات والمؤسسات الحكومية والمستشفيات ويطلب من المواطنين السكن فيها وهذا قمة التخبط في التخطيط حيث يجب انشاء المؤسسات الحكومية والخدمات المختلفة والمستشفيات على المناطق الحدودية ثم بناء السكن الخاص للمواطنين الذين يعملون هناك وليس العكس، وهذا أيضا ليس للوافد ذنب فيه. وأخيرا فهناك السلوك الشاذ وسوء استخدام المركبات، وحقيقة لم أسمع أن أحد الوافدين قام أثناء هطول المطر بـ«التشفيط» و«التقحيص» وعمل حركات بهلوانية بالطريق وإزعاج المارة والسكان، ولم أسمع أن هناك أحد الوافدين أطلق النار على دوريات الأمن أثناء ملاحقتهم له، ولم أسمع أن وافداً اصطدم بدوريات الأمن وفر هارباً، ولم أسمع أن وافداً قال لسائقه الخاص قف هنا ولا تتحرك حتى لو طلب منك راعي دوريات الشرطة ذلك، ولم أسمع بأن دولة متحضرة طلبت من الشركات عدم زيادة موظفيها بأكثر من 50 ديناراً سنوياً وذلك تخفيفاً للازدحام المروري. ويتبقى أمر نجهله أو نتجاهله جميعا وهو أن الازدحام المروري يعاني منه كل دول العالم تقريباً مع وجود كل وسائل النقل المتقدمة وهذا أمر طبيعي بعد زيادة أعداد السكان، ومن ثم زيادة عدد المركبات، كما أنه ليس للإدارة العامة للمرور ذنب. فتخطيط الشوارع ومخارج الطرق، وعدد الحارات المستخدمة وإنشاء عنق الزجاجة في أغلب المخارج كثافة ليست بسبب الوافد ولا الإدارة. والسؤال أين الحل؟ لن تحل المشكلة إذا أوقفت إدارة المرور إصدار رخص القيادة لمدة خمسة أعوام لأي وافد، ولن تحل المشكلة في ظل التخطيط الحكومي والتوزيع الجغرافي العشوائي للمؤسسات والسكن الخاص وأماكن الترفيه والتسوق. وأما السماح للسيارات التي تستخدم «كتف» الطريق فأتمنى أن تكون للسيارات التي بها أكثر من راكبين، وأيضاً حث مجلس الأمة بزيادة العقوبات المرورية، وعدم التهاون في ضبط الشارع من قبل دوريات الشرطة مع إعطائهم كل الصلاحيات في ذلك. وأخيرا، كلمة حق أقولها فقد بدأ الشارع يلتزم الضبط، لاسيما بعد تسلم اللواء عبدالله المهنا زمام إدارة المرور كوكيل مساعد، فهو دائماً يعمل بصمت واخلاص بعيداً عن الاضواء، ومستمع جيد لكل ما يطرح حول المشكلة المرورية وقلبه مفتوح قبل ابواب مكتبه، فقد عرفته عن قرب منذ أن كان مديراً في المنشأة النفطية، وكل ما قلته ليس دفاعاً عن الوافدين ولكنها كلمات يجب أن تقال في حق من يعمل بإخلاص وجد في هذا الوطن المعطاء. اللهم احفظ الكويت وشعبها وأميرها وولي عهدها من كل شر ومكروه. kuwaiti-7ur@hotmail.com 7urAljumah@
مشاركة :