انشغل السياسيون في الايام السابقة بقضية فرض ضرائب على الوافدين ومحاولة مضايقتهم، لاعتقادهم بأن ذلك سيخفف من أعدادهم المهولة، وأنه سيعدل التركيبة السكانية المختلة وسيحل مشاكل البلد. إن قضية اختلال التركيبة السكانية متشعبة ومعقدة، وكثير من السياسيين وأصحاب القرار يدركون ابعادها ويعرفون طرق حلها والتي تُختصر بكل بساطة في تجار الإقامات والشركات الوهمية التي تجلب العمالة وترميهم في الشوارع والطرقات ومن ثم يعملون بمهن مختلفة لم يتدربوا عليها ما يجعلهم عمالة سائبة لا يستفيد منها البلد اي شيء، بل يشكلون خطراً أمنياً وقلقاً اجتماعياً. فالكويت بلد الإنسانية الذي استوعب أكثر من 120 جنسية مختلفة في ديانتها ولغتها منذ نشأتها، لن تتخلى عن العمالة الوافدة المنتجة التي تعمل بجد واجتهاد والتي تعلمنا منها واستفدنا من خبراتها وعلمها، فلا بد ألا نكون جاحدين لذلك، بعد أن جار الزمن عليهم وبعد أن أصبحنا نحمل الشهادات والخبرات، ولكن لا بد أن نبدي قلقنا من الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين ونحاول إيجاد أساليب وطرق لتقنين الأعداد، كما صرحت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السيدة هند الصبيح، والتي أعتبرها أكثر واقعية من بعض نوابنا الأفاضل الذين يريدون فرض ضرائب فقط من دون إيجاد خطة للعمل على تخفيف أعدادهم، وأقصد الوافدين غير المنتجين والذين من الممكن الاستغناء عنهم لأن عملهم لا يتطلب خبرة اومهارة معينة، ويعملون في مؤسسات الدولة الحكومية. فمن الممكن توظيف شباب الكويت الذين ينتظرون في طابور ديوان الخدمة المدنية. أرى ان التضييق على الوافدين المنتجين وتضررهم بهذه الطريقة غير مقبول، فأي ضرائب ستفرض على الوافد حتماً ستفرض في المستقبل القريب على المواطن، وكم أتمنى ألا ننجرف لما يريده بعض النواب في الوقت الحالي، وهو كسب ود ورضا ناخبيهم وربما تنفيذ بعض الأجندات، وذلك بضرر الوافد البسيط الذي يخدم البلد ويعمل من اجل كسب رزقه الحلال. نعم جميعنا يقر بأن هناك مشكلة كبيرة، فالوافدون ازدادوا بطريقة كبيرة وأصبحوا يشكلون ضغطاً غير طبيعي على خدمات الدولة واحتلوا وظائف الكويتيين في الحكومة وسببوا أزمة مرورية، وازدحاما وضغطا على خدمات الدولة، فمن المنطق ان نضع اصبعنا على الجرح من دون أن نظلم أحداً، فنبحث عن المتسبب في ذلك ونسأل من عينهم ومن جاء بهم، وكيف منح بعضهم رخص القيادة وماهي الاستفادة من وجودهم؟ اعتقد أنه حان وقت تنظيم سوق العمل وتعديل التركيبة الإسكانية، فلا بد من التحرك ووضع الحلول المناسبة من قبل اللجنة العليا لدراسة تعديل التركيبة السكانية، فمن أجل درء الخطر الأمني والقلق الاجتماعي الذي تشكله العمالة السائبة، أتمنى أن تأتي القرارات عاجلة وحازمة. فمن غير المنطقي والمعقول ان يعاقب جميع الوافدين من اجل مجموعة من تجار الإقامات والشركات الوهمية التي أغرقت البلد بعمالة سائبة لا تفيد البلد... فكويت الإنسانية لن تظلم أحدا وهذا ما سيحدث، والله من وراء القصد. Mesfir@gmail.com
مشاركة :