الرجل الذي فقد ظله

  • 11/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نقف مع تظاهرات واحتجاجات شعب العراق؛ لأنها ضد الدولة الثيوقراطية الولائية   عنوان رواية قديمة للراحل المبدع فتحي غانم، أتذكر الرواية وأستحضر الرجل الذي فقد ظله، حينما أرى المأزومين يكابرون في تدوير زوايا أزمتهم، ويحاولون عبثًا تلبسينا أزمتهم ولصقها بنا بصورة يثيرون فيها الشفقة، ناهيك عن أنهم أصبحوا مدعاة للسخرية في المجتمع. فنحن منذ البداية واضحون كالشمس في كبد السماء، لم نتلون، ولم نتبدل، ولم نخلع قمصاننا الوطنية، ولم نضيع مشيتنا. كنّا ومازلنا مع الدولة المدنية الحقوقية والدستورية نقطة على السطر وضعناها مبكرًا، ودفعنا ثمن خيارنا المدني. واجهنا منذ سنوات وسنوات أصحاب المشاريع الثيوقراطية، ولم نميز أو نفرق على أساسٍ مذهبي أو طائفي، لننتقي التصدي لأصحاب مشاريع الدولة الثيوقراطية فنواجه هذا الطيف، ونبرر ونصمت عن ذاك الطيف، وشواهدنا ووثائقنا ومواقفنا مسجلة وموثقة ومنشورة، ولعل المحاكم تشهد على ما تحملنا من أصحاب مشاريع الدولة الثيوقراطية من فوق منابرهم بغض النظر عن طائفتهم او مذهبهم، فمواقفنا لا تقبل القسمة على اثنين. هذه مقدمة بسيطة وقصيرة لمن يحاول أن يتلاعب بالبيضة والحجر كأي حاوٍ فاشل، فيزعم غامزًا من قناتنا، كيف تكونون ضد «تظاهرات» البحرين، ثم تؤيدون اليوم تظاهرات العراق. وهي حجة وغمزة عاجزة عاطلة، فتظاهرات البحرين في 2011 كانت تريد ضمن مشروعها الثيوقراطي الولائي إسقاط الدولة المدنية البحرينية، فكان من الطبيعي وانسجامًا مع مواقفنا المدنية الثابتة أن نكون ضدها إلى آخر الشوط وبكل قوة وصلابة؛ لأننا قرأنا المؤشرات الخطيرة لمشروع تلك التظاهرات الثيوقراطية، وهو مصير شعب العراق الآن. ووقفنا ونقف مع تظاهرات واحتجاجات شعب العراق؛ لأنها ضد الدولة الثيوقراطية الولائية بقيادة قاسم سليماني والحرس الثوري الثيوقراطي الذي ينصب حكومات العراق الصورية التي ثار عليها شعب العراق. إذن موقفنا هنا في البحرين هو نفس وهو امتداد لموقفنا مع شعب العراق، نعارض وننافح ضد الدولة الثيوقراطية في جميع نسخها وأشكالها بغض النظر عن لونها الطائفي والمذهبي والعقائدي، نذكر تاريخنا يشهد على ذلك. ومحاولتهم الغمز واللمز من خط الدفاع الأول المدني عن دولتنا المدنية إن كانت للنيل الفاشل والعاجز منا وبطريقة الانتقام أو الثأر المضحك بأثرٍ رجعي «لاحظ رجعي»، فإنها في ذات الوقت هروب مخجل و«شردة» من تحديد موقفٍ واضحٍ من احتجاجات وتظاهرات الشعب العراقي والايراني واللبناني، وما يتعرض له من بطش وانتهاك واغتيال واعتقال، وهو هروب لا يُواري سوءاتهم مهما خصفوا عليها من أوراق توتٍ مثقوبة. والقول بأزدواجية الموقف او انتقائية الخيارات قول مردود عليه؛ لأنه يقوم حجة عليهم وليس حجةً لهم. فكيف انحازوا وكيف شاركوا وكيف نافحوا ودافعوا عن تظاهرات البحرين مثلًا وصمتوا صمت القبور عن تظاهرات واحتجاجات العراق ولبنان ثم صمتوا صمتًا مخجلاً عن تظاهرات واحتجاجات ايران، وما أدراك ما ايران، يا من بلعت لسانك عنها، وهي تجري على مرمى حجر منك!!. باختصار شديد وبدون «عوار راس معكم»، احتجاجات وانتفاضات الشعب الايراني والشعب العراقي والشعب اللبناني فضحت مواقفكم وكشفت ولاءاتكم وارتباطاتكم وتخليكم تمامًا عن الدفاع عن الدولة المدنية، فقد صرتم وأصبحتم من أصحاب المشروع الثيوقراطي المتخلف في نسخته الخمينية، ولن تستطيعوا بعد اليوم نفي ذلك، فلا تلجئوا إلى أسلوب رمتني بدائها وانسلت. من مثلكم الآن عليه أن يتوارى ويبتعد ولا بأس أن «يتقاعد» او يعتزل السياسة، ويكف عن أن يكون منظرًا وقائدًا وزعيمًا سياسيًا، فالزمن ليس زمنه منذ سنوات سقوط دوار العار، فلماذا الإصرار على البقاء، هل لمزيد من التوريطات والرهانات الخاسرة، وهل هناك ما تخسرونه بعد أن ذهبتم بـ«ربعكم» إلى ما ذهبتم بهم إليه، ففقدوا كل شيء بسببكم وخسروا ما كان لهم، المكابرة الساذجة والعبثية لا فائدة منها، فقد غادركم الزمن منذ سنوات وسنوات.

مشاركة :