حتى اسرائيل لن تندم على نهاية ولايته كما ستندم وكما ستفتقده ايران الملالي الوحيدة من بين الدول التي عرفت كيف تبتز فترة رئاسته الثانية. وهذا ليس شطارة من نظام الملالي ولا من افنديها السيد ظريف والذي حتمًا لا يهندس علاقتها الخارجية بقدر ما هو ساعي بريد نظيف للعمامة، وإنما بسبب اندفاع اوباما وإدارته لتسجيل نقاط في اعادة ترتيب العلاقات مع طهران، وهو الترتيب الذي جاء على حساب واشنطن وفي شكل سلسلة ابتزازات أفقدت البيت الابيض العديد من حلفائه التاريخيين ودفعت بآخرين ان يستعجلوا الايام لمغادرته حتى يستطيعوا اعادة ترتيب علاقتهم مع الولايات المتحدة وفق استراتيجية لا تغلّب مصالح طهران على حسابهم كدول وشعوب. ومن جانبه يبدو ان الرئيس اوباما سيقضي الفترة المتبقية من ايام رئاسته طائرًا من الخليج العربي الى خليج اليابان التي زارها وزار مدينة هيروشيما عنوان العار الامريكي وأبلغ الحكومة اليابانية قبل وصوله رفضه الاعتذار الى الشعب الياباني عن القنبلة النووية الامريكية التي ما زالت آثارها باقية في ذاكرة الشعب الياباني، وقد علّق بعض الصحفيين اليابانيين على الزيارة بأنها نوع من الحركات الاوبامية. التي كثيرًا ما فشل صاحبها في ترك انطباع جيد عنها وعنه. أما العرب والشعوب العربية فذاكرتها مشحونة ضد هذا الرئيس الذي ما زال يفتش في الملفات القديمة بحثًا عن كل ما هو ضد العرب لمزيد ليس من الضغط ولكن لمزيد من تقديم الولاء لنظام الملالي لعل ذلك النظام يخفف من غلواء ابتزازته التي احرجت الرئيس. مشكلة أوباما أن يريد لكنه لا يعرف الطريق ولا الاسلوب الذي يبلغ من خلاله الى ما يريد. فقد اراد غداة وصوله الى سدة الرئاسة علاقة ذات طابع مختلف مع العرب، وكانت اولى خطاباته من القاهرة، لكنه وفي الطريق الى تلك العلاقة دمر كل شيء ولعب ضدهم أسوأ الالعاب، فكان مناوئًا لهم وراهن على الفوضى الربيع العربي وطار به الى السماء وهدم كل الجسور مع العرب، ثم عاد اليهم من الباب الخلفي محتفظًا بولاء للنظام الايراني اثار أكثر من علامة استفهام كبيرة، فَبَدَا انحيازه لطهران لغزًا كبيرًا. وهو خطب ضد الارهاب طويلاً ومازال، لكنه لم يتعرّض لإرهاب طهران وللفصائل الارهابية المحسوبة على نظام الملالي ولم يتخذ موقفًا مناهضًا صريحًا وواضحًا ضد هذه الفصائل والتيارات رغم اطلاعه على تقارير تثبت تورّط ايران في تمويل وتدريب هذه العناصر الارهابية بامتياز، فأصبحت خطاباته على الارهاب كعدمها وعدم وجودها لأنه يكيل بمكيالين. لم يستطع اوباما حتى ان يكسب تعاطف الافارقة رغم انحداره من اصول افريقية وحتى الشعب الكيني نسي تمامًا ان رئيس أكبر دولة في العالم من اصل كيني، فكان عنوانًا للرجل الذي فقد ظله. تنكّر الى اصوله وانفصل عن جذوره بطريقة مخجلة اثارت غضب الافارقة عليه وإن كان كثير الاستشهاد بالزعيم الاسود مارتن لوثر تركينغ وبأقواله حين وصل الى البيت الابيض، مستعيدًا مقولة لوثر لدي حلم لكنه حلم آخر هو الكابوس في حقيقته. ستذكره ذاكره الشعب الامريكي على الطريقة الامريكية، اذ سرعان ما سيغادر ذاكرة شعبه بينما ستذكره طويلاً ذاكرة الشعب العربي بطريقة سيئة جدًا. وحدها زوجته ميتشيل ستغادر البيت الابيض كما دخلت فهي لم تشارك زوجها الرئيس في صناعة الكابوس وإن شاركته جزءًا من رقصة التانغو الاخيرة، وهي الرقصة التي لم يستطع فيها اوباما استعادة بريقه المنطفئ بشكل سريع وأسرع مما توقع له ذلك المنجم الكيني البائس الذي همس له، ستخرج الى المجهول أيها السيد الرئيس.
مشاركة :