لماذا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (3)

  • 11/22/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا» (الأحزاب: 40). جاء في زاد المسير لابن الجوزي، قوله تعالى: «ما كان محمَّدٌ أبا أحَد من رجالكم» قال المفسرون: لمَّا تزوَّج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زينب، قال الناس: إِن محمدا قد تزوَّج امرأة ابنه، فنزلت هذه الآية، والمعنى: ليس بأب لزيد فتَحْرُم عليه زوجته «ولكنْ رسولَ الله» قال الزجاج: من نصبه، فالمعنى: ولكن كان رسولَ الله، وكان خاتم النبيِّين؛ ومن رفعه، فالمعنى: ولكنْ هو رسولُ الله؛ ومن قرأ : «خاتِم» بكسر التاء، فمعناه: وختم النبيِّين؛ ومن فتحها، فالمعنى: آخِر النبيِّين. قال ابن عباس: يريد: لو لم أَختِم به النبيِّين، لَجَعلتُ له ولداً يكون بعده نبيّا. وأحبه صلى الله عليه وسلم لأن الله أرسله مبشرا بالجنة لمن أطاعه ومنذرا بالنار لمن عصاه، وداعيا إلى الله بأمر الله ولأنه سراجا منيرا، فسراج ضوئه من ذاته كالشمس ومنيرا يستمد نوره من غيره كالقمر ولم تجتمع الصفتان إلا في رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه علمنا الإسلام وأنقذنا من النار. أحبه صلى الله عليه وسلم لأن الله أعطاه ما لم يعط نبيا من قبله. عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: «فُضِّلْتُ على الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إلى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» رواه مسلم. وقال جَابِرُ بن عبد اللَّهِ -رضي الله عنهما-: قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لم يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ من الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأَيُّمَا رَجُلٍ من أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لي الْغَنَائِمُ، وكان النبي يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إلى الناس كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» رواه البخاري. أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لولاه ما عرفنا الحلال من الحرام والخير من الشر والحق من الباطل، محمد صلى الله عليه وسلم الذي لولاه ما صلينا ولا زكينا ولولاه لهلكنا...، أحبه صلى الله عليه وسلم لأن به عرفنا طريق الله، وبه عرفنا مكائد الشيطان·· وشوقَنَا إلى الجنة، «قال لصاحبه: صِف لي نعيم الجنة؟ فقال: فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم» أحبه صلى الله عليه وسلم لأن ما من طيب وخير إلا وأرشدنا إليه، وما من خبيث وشر إلا ونهانا عنه، ومن حقه علينا أن نحبه؛ لأنه: يحشر المرء مع من أحب،عن أَنسٍ: رضي الله عنه أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رسولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم): مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلمٍ. وفي روايةٍ لهما: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ. بهذا الحب تلقى رسول الله على الحوض، فتشرب الشربة المباركة الهنيئة التي لا ظمأ بعدها أبدًا· وها هو أنموذج عرف قيمة وحقيقة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعيش لحظات مع ثوبان لنتعرف على حقيقة حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القرطبي: كان ثوبان مولى رسول الله شديد الحب له، قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فقال له النبي: (ما غير لونك؟!) قال: يا رسول الله، ما بي ضر ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبدًا· فأنزل الله قوله: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» (النساء: 69). أما عن حب بلال رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قدمنا الشام مع عمر فأذَّن بلال، فذكر الناسُ النبي صلى الله عليه وسلم فلم أرَ يوما أكثر باكيا. وفي رواية: أن بلالا لم يؤذِّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأراد الجهاد، فأراد أبو بكر منعه، فقال: إن كنت أعتقتني لله فخلِّ سبيلي. قال: فكان بالشام حتى قَدِم عُمَر الجابية فسأل المسلمون عمر أن يسأل لهم بلالاً يؤذِّن لهم، فسأله فأذَّن يوما فلم يُرَ يوما كان أكثر باكيا من يومئذ ذِكْرًا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر في «الإصابة»: ثم خرج بلال بعد النبي صلى الله عليه وسلم مجاهدا إلى أن مات بالشام.

مشاركة :