لماذا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟(4)

  • 11/29/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه الرحمة المهداة والنعمة المسداة، قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» (الأنبياء: 107). فهو صلى الله عليه وسلم رحمة الله للعالمين، رحمة بالإنسان والحيوان والنبات والجماد، رحمة بالمسلم وغير المسلم، رحمته صلى الله عليه وسلم شملت سائر المخلوقات والكائنات، عن أَبِي موسى الأَشعرِي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَنْ تُؤْمِنُوا حتى تراحمُوا قالوا: يا رسولَ اللهِ، كلُّنا رَحِيمٌ، قال: إنَّهُ ليس بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صاحبَهُ، ولَكِنَّها رَحْمَةُ العَامَّةِ» حسنه الألبانى فى صحيح الترغيب، وبما أن الرحمةَ هي أساس ومفتاح كل خير، فقد وضع لها النبي صلى الله عليه وسلم دستوراً واضحاً وقانوناً ثابتاً، فقال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ» رواه الترمذي، أي: الَّذين يَرحَمون مَن في الأرضِ مِن إنسانٍ أو حيوانٍ أو طيرٍ أو غيرِه؛ شَفَقةً ورَحمةً ومُواساةً، يَرحَمُهم الرَّحمنُ، برَحمتِه الَّتي وَسِعَت كلَّ شيءٍ، فيَتفضَّل عليهم بعَفوِه وغُفرانِه وبرِّه وإحسانِه؛ كما أنه صلى الله عليه وسلم يعفو ويصفح قال أمير الشعراء شوقي: وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ لولا أن الله أرسل محمدًا لنزل العذاب بالأمة.. لولا محمد صلى الله عليه وسلم لاستحققنا الخلود في النار.. لولا محمد صلى الله عليه وسلم لضعنا. قال ابن القيم في جلاء الأفهام: إنَّ عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته. أما أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. وأما أعداؤه المحاربون له.. فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم. وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرا بذلك العهد من المحاربين له. وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوراة وغيرها. وأما الأمم النائية عنه.. فإن الله رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض. فأصاب كل العاملين النفع برسالته. قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي، فإنه قال فيه: «بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» (التوبة: 128)· وقال في نفسه: «إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ» (البقرة: 143). اصبـر لكل مصيبـة وتجلد *** واعلـم بأن المـرء غير مخـلـد واصبر كما صبر الكرام فإنها *** نوب تنوب اليوم تكشف في غـد وإذا أتتك مصيبة تبلى بـها *** فاذكر مصـابك بالنبـي محمـد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الجذع حن لفراقه صلى الله عليه وسلم وأشتاق إليه فنحن أولى بذلك، كان الحسن البصري إذا حدَّث بحنين الجذع بكى وقال: هذه خشبة تحنُّ إلى رسول الله، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه. أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه النعمة المسداة والمنة الكبرى من الله على عباده، قال الله تعالى: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» (آل عمران-164) جاء في تفسير ابن كثير «هذه المنة التي امتن الله بها على عباده أكبر النعم، بل أصلها، وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة، وعصمهم به من الهلكة، فقال: «لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم» يعرفون نسبه، وحاله، ولسانه، من قومهم وقبيلتهم، ناصحا لهم، مشفقا عليهم، يتلو عليهم آيات الله، يعلمهم ألفاظها ومعانيها. «ويزكيهم» من الشرك، والمعاصي، والرذائل، وسائر مساوئ الأخلاق. و«يعلمهم الكتاب» إما جنس الكتاب الذي هو القرآن، فيكون قوله: «يتلو عليهم آياته» المراد به الآيات الكونية، أو المراد بالكتاب -هنا- الكتابة، فيكون قد امتن عليهم، بتعليم الكتاب والكتابة، التي بها تدرك العلوم وتحفظ، «والحكمة» هي: السنة، التي هي شقيقة القرآن، أو وضع الأشياء مواضعها، ومعرفة أسرار الشريعة. فجمع لهم بين تعليم الأحكام، وما به تنفذ الأحكام، وما به تدرك فوائدها وثمراتها، ففاقوا بهذه الأمور العظيمة جميع المخلوقين، وكانوا من العلماء الربانيين، «وإن كانوا من قبل» بعثة هذا الرسول «لفي ضلال مبين» لا يعرفون الطريق الموصل إلى ربهم، ولا ما يزكي النفوس ويطهرها، بل ما زين لهم جهلهم فعلوه، ولو ناقض ذلك عقول العالمين».

مشاركة :