أحبه صلى الله عليه وسلم لأنه يشفع لنا يوم الدين، أحبه صلى الله عليه وسلم لأن ما من باب للخير إلا دعا إليه وأرشد إليه وما من باب للشر إلا نهى عنه وحذَّر منه، أحبه صلى الله عليه وسلم لأن الله رفع في العالمين ذكره، وقرن اسمه باسمه، ولأنه صلى الله عليه وسلم أنذرنا من النار وبشرنا بالجنة ولأنه صلى الله عليه وسلم علمنا الإسلام، جاء في الموسوعة العربية للشعر من شعر حسان بن ثابت أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِ خَاتَمٌ * مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ وضمَّ الإلهُ اسم النبيّ إلى اسمهِ * إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ * فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَة ٍ * منَ الرسلِ والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ فَأمْسَى سِرَاجًا مُسْتَنيرًا وَهَادِيًا * يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ وأنذرنا نارًا، وبشرَ جنة ً * وعلمنا الإسلام فاللهَ نحمدُ وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي * بذلكَ ما عمرتُ في الناسِ أشهدُ تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا * سِوَاكَ إلهًا أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ لكَ الخلقُ والنعماءُ والأمرُ كلهُ * فإيّاكَ نَسْتَهْدي وإيّاكَ نَعْبُدُ أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الله أرسله للناس أجمعين قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) «سبأ: 28» قال الفخر الرازي «لما بين مسألة التوحيد شرع في الرسالة فقال تعالى: (وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً) وفيه وجهان أحدها: كافة أي إرساله كافة أي عامة لجميع الناس تمنعهم من الخروج عن الانقياد لها والثاني: كافة أي أرسلناك كافة تكف الناس أنت من الكفر والهاء للمبالغة على هذا الوجه (بَشِيرًا) أي تحثهم بالوعد (وَنَذِيرًا) تزجرهم بالوعيد (ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ) ذلك ليس لخفائه ولكن لغفلتهم». أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، قال ابن كثير يمدح تعالى:(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ) أي: إلى خلقه ويؤدونها بأمانتها (وَيَخْشَوْنَهُ) أي: يخافونه ولا يخافون أحدًا سواه فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله، (وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) أي: وكفى بالله ناصرًا ومعينًا. وسيد الناس في هذا المقام -بل وفي كل مقام -محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب، إلى جميع أنواع بني آدم، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع، فإنه قد كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وأما هو، صلوات الله عليه، فإنه بُعث إلى جميع الخلق عَرَبهم وعجمهم، (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) «الأعراف: 158»، ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده، فكان أعلى مَنْ قام بها بعده أصحابه، رضي الله عنهم، بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، في ليله ونهاره، وحَضَره وسفره، وسره وعلانيته، فرضي الله عنهم وأرضاهم. ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا، فبنورهم يقتدي المهتدون، وعلى منهجهم يسلك الموفقون. فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم».
مشاركة :