بعض التفاصيل الصغيرة تعلق في الذاكرة بعد ما نفارقها، كتلك التي حدثت معي في سويسرا ومع رجال المرور هناك، حيث كانت حمولة السيارة (9) ركاب، وكان عددنا أكبر وقتها، قلتُ للسائق: إننا لن نسلم من المرور، إلا أنه أصر أن الأمور سوف تمر مرور الكرام، وحين وجد نفسه في مأزق مع المرور وورطة كبيرة انتهت بغرامة وعقاب كبير، وقتها تذكَّر كلامي ونصيحتي له، والتي تركت في صدره درسًا لن ينساه. وهنا يكون الفرق بين تواجد رجل المرور في الشارع وبين اعتماده على «ساهر» والمخالفات الإلكترونية، والتي وإن كانت حدَّت بالفعل من تهوُّر البعض في الطرق، إلا أنها لم تنهيها؛ والدليل معارك الشوارع الدامية والتصرفات التي أسّست لمعاناة اسمها «القيادة»، وخاصةً في مدينة «جدة»، والسبب في ذلك هو غياب رجل المرور عن الشارع الذي يحتاجه لضبط السلوك المروري، وخاصة في المواقع التي لا يوجد بها ساهر. وهنا تكون مهمة رجل المرور ووجوده هي مهمة ضرورية لحماية أرواح الناس، إضافةً إلى أن تواجدهم يمنع أولئك المستهترين من ممارسة جنونهم، وإعاقة الحركة وتعطيل السير، وهي حقيقة أتمنى على المرور أن ينهيها بقرار الحضور..!!! ذلك لأن غياب الوعي هو قضية ما تزال حاضرة ومُؤثِّرة في تصرفات بعض عُشَّاق الأذى، أولئك الذين ينسون أن الشارع للجميع، وأن الأدب هو سيِّد النمو والتطور، وأن الأخلاق والتسامح والالتزام بالنظام هو حياة ونجاة تصنع الحضارة، وتُسهِّل الوصول الآمن، ولا دليل أكبر من انضباط كل الذين يسافرون ويقودون سياراتهم في الخارج؛ ذلك لأنهم يعرفون جيدًا قيمة الحزم والنظام هناك، والذي يستحيل أن يتساهل مع من يُخالفه، وكثيرون هم الذين وقعوا في مآزق كبيرة مع الأخطاء والتي كلفتهم الكثير، كما أن كلهم يعرف جيدًا أن الشرطي الذي يقبض على مخالف (لا) يكتفي بمخالفته لنظام المرور فقط، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، وهو ما حدث معي في سويسرا، حيث تعرَّضنا للتفتيش الشامل وانتهينا بغرامة كبيرة، وتعهد بتغيير السيارة، والحقيقة أن ذلك كان بسبب تواجد رجل المرور في الشارع..!!! (خاتمة الهمزة).. للأسف ما تزال تصرفاتنا في الشارع كما هي لم تتغيَّر!! والسبب فيما يبدو هو أن الغرامات الضخمة التي فرضها المرور لم يكن همّها السلامة أبدًا، بل كان كل همّها هو جمع المال.. لا أكثر... وهي خاتمتي ودمتم.
مشاركة :