التجربة الصينية.. محاربة الفقر 2-3

  • 12/7/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هذا هو المقال الثاني الذي أكتبه لسرد ما رأيته في رحلتي الأخيرة إلى دولة الصين وحضور المؤتمر الدولي المقام هناك لعرض تجربة الصين في محاربة الفقر والوصول إلى أعلى مستوى معيشة للفرد واننشال حوالي ٣٠٠ مليون نسمة من تحت خط الفقر خلال ٣ سنوات تقريبا. وفي هذا المقال سوف أروي لحضراتكم كيف خرجت مدينة "شينجزين" الصينية من تصنيف المدن الفقيرة إلى الأعلي دخلا في الصين، وتعتبر تجربة هذه المدينة فريدة وفي نفس الوقت تصلح لكثير من مدننا المصرية للإرتقاء بمستوى معيشة سكان تلك المدن. شينجزين هي في الأصل المدينة التاريخية لصناعة الخزف والصيني خلال القرن الماضي ولا يخفى على أحد أن المصريين قد أطلقوا علي تلك الأطقم المطبخية لفظ (طقم الصيني) نسبة إلى استيرادها من الصين .. وصناعة الخزف والصيني هي الصناعة التاريخية والأصلية لهذه المدينة العريقة ولكن أصاب تلك الصناعة الوهن والقدم والإهمال نتيجة إرتفاع معدل أعمار شيوخ تلك الصناعة اليدوية بالأساس ونتيجة لرغبة الأجيال الجديدة العمل في مجالات أحدث وأسهل. وعندما قررت دولة الصين العمل علي مكافحة الفقر في هذه المدينة، قررت الاعتماد في ذلك على المهنة الأصلية والأساسية ولكن مع تقديم الدعم الكامل والتطوير المطلوب لإحياء تلك الصناعة، وعدم الاعتماد علي صناعة أخرى أو تجارة جديدة. وهذه هي الفكرة الملهمة التي إستطاعت دولة الصين بها ربط الماضي بالمستقبل وتطوير صناعات تاريخية موجودة بالأساس. فقد قررت دولة الصين التركيز على تلك الصناعة عن طريق فتح مدارس ومعاهد تعليمية لتعليم الأجيال الجديدة أساسيات ومهارات تلك الصناعة وأستدعت شيوخ هذه الصناعة الذين تقدموا في العمر وأصبحوا غير قادرين على العمل اليدوي وتم تعيينهم معلمين في تلك المدارس والمعاهد لكي يستفيد من خبراتهم الأجيال الجديدة.وأيضا قررت إنشاء أفران جديدة عملاقة لتكسير الحجر الخاص بتلك الصناعة وأيضا حرقه بعد تشكيله ودعمت تلك المصانع بكل ماهو حديث ومتطور وسخرت كل الإمكانيات التكنولوجية الحديثة للإرتقاء وتطوير تلك الصناعة ووضعها في مقدمة الدول المصنعة للخزف والصيني. وفي نفس الوقت لم تهدم الأفران القديمة التاريخية الأثرية بل حافظت عليها وجعلتها مزارا تاريخيا أثريا لكل زوار تلك المدينة وإقامة منطقة سياحية تضعها علي الخريطة السياحية للبلاد. وفي غضون حوالي ١٠ سنوات انطلقت تلك المدينة نحو العالمية وأصبحت قبلة كل الأمراء والملوك والرؤساء للحصول على كل ما يريدونه من أطقم الخزف والصيني العملاقة والنفيسة، وقد لاحظت خلال زيارتي القصيرة أن حوالي ٦٥ ٪ من مساحة تلك المدينة من الغابات الطبيعية الكثيفة وأيضا لاحظت ان هناك ميناء بحري في تلك المدينة وعند مناقشتي لأحد المسؤولين طرحت عليه سؤالا وكان الرد منة عبقريا، سألتة لماذا لا توجد صناعة تقوم علي إستغلال الأخشاب الموجودة بكثافة في أشجار تلك الغابات مثل صناعة الأثاث أو السفن والمراكب خصوصا أن هناك ميناء بحري يمكن استغلاله لتصدير تلك المنتجات بجانب الصناعة التاريخية للخزف والصيني فكانت الإجابة أن ثروة هذه المدينة ليست في الأخشاب ولكن الثروة الحقيقية في الأشجار والمساحات الخضراء من أجل حياة صحية وبيئة نظيفة وهواء نقي. وبعد هذا الرد أيقنت أن الصين انتقلت من مرحلة العمل من أجل الحياة إلى مرحلة الإبداع من أجل جودة الحياة، وأخيرا فقد شعرت بالتفاؤل عندما تذكرت مايقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي من إحياء الصناعات التاريخية الموجودة في مدننا المصرية المختلفة مثل صناعة الأثاث في دمياط وصناعات الجلود في منطقة المدابغ وتقديم الدعم والتطوير من خلال مدينة الأثاث في مدينة دمياط الجديدة وأيضا منطقة الروبيكي لصناعة الجلود وتأكدت أننا نسير علي الطريق الصحيح ولا ينقصنا إلا العمل والاجتهاد والمثابرة على النجاح والصبر على نتيجة هذه المشروعات والإصلاحات .حفظ الله مصر وحفظ شعبها.

مشاركة :