هل يهود بريطانيا أكثر إنصافًا للاستحقاق الفلسطيني من الإنجليز أنفسهم؟ | عاصم حمدان

  • 5/19/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

* بالعودة إلى ما يقرب من قرن من الزمن، نجد أن للإنجليز أياديَ سريّة، وأخرى علنية في ما يمكن تصنيفه بأنه يدخل -من دون شك- في باب المؤامرة على العالم العربي، وتفتيته إلى كيانات يسهل احتواؤها، وذلك لصالح مشروع استعماري آخر، طرفه الأول الغرب ومؤسساته السياسية، وطرفه الثاني المشروع الصهيوني، ممثلاً في الكيان الإسرائيلي. وتبدَّى ذلك من خلال المشروع الذي عمد إلى اقتسام التركة العثمانية، والذي حمل اسم الخبير العسكري في شؤون الشرق الأوسط سير مارك سايكس Sykes، والقنصل الفرنسي السابق في بيروت جورج بيكو Picot، وكان ذلك في عام 1916م، أي قبل عام من إصدار حكومة بريطانية ائتلافية، كان يتزعمها حزب الأحرار لويد جورج George، وتضم المحافظ آرثر بلفور Balfour وزيرًا للخارجية، من إصدارها وعدًا يحمل اسم الأخير، بإنشاء وطن قومي لليهود فوق أرض فلسطين العربية والمسلمة، وكانت -آنذاك- تحت الانتداب البريطاني. وانسحبت بريطانيا من فلسطين في شهر مايو 1948م، بذريعة انتهاء حقبة انتدابها، في لعبة أضحت مكشوفة لتُسلّمها للعصابات اليهودية الإرهابية مثل الهاغاناة Haganah، وشيترن Stern. وبعد أقل من عقد من الزمن من قيام الكيان الإسرائيلي أقدمت بريطانيا على جريمة أخرى في حق العرب والفلسطينيين، وذلك من خلال تزعمها لحرب ضد البلد العربي «مصر»، والذي حمل اسم العدوان الثلاثي، وكان رئيس الوزراء البريطاني -آنذاك- أنتوني إيدن مدفوعًا إلى ارتكاب تلك الحماقة السياسية، بما يُسمّى في أدبيات السياسة البريطانية بعقيدة الولاء المزدوج، والمصطلح كما أورده الكاتب والسياسي البريطاني الراحل كريستوفر مايهو: Mayhew: هو Dual-loyalties. ومع صعود «ديفيد كميرون كرئيس لوزراء بريطانيا لحقبة ثانية -وهو المعروف بانحيازه للرؤية الصهيونية- وخروج كل من: نيك كليغ زعيم الأحرار، وايدميلباند زعيم العمال من اللعبة السياسية، وكلاهما مدعِّم لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، بل إن حزب العمال الذي خسر الانتخابات لصالح المحافظين كان الوحيد الذي أشار في حملته إلى التزامه بخيار الدولة الفلسطينية، وربما يعود ذلك لتمثيله لعدد من الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المسلمة، ويمكن أن يُضاف إلى ذلك العقلية المتفتحة لـ»ميلباند» Miliband، مع أنه يعود لجذور يهودية، ولكنه يُصنّف على أنه اللاديني، وكان هو وشقيقه وزير الخارجية البريطانية الأسبق «ديفيد» مع نواب يهود آخرين الأكثر انتقادًا للصلف الإسرائيلي. والسؤال الذي يمكن طرحه على «كميرون» هل يعي مصالح بلاده الإستراتيجية، وما تمر به المنطقة العربية من أحداث لاتخاذ منحى أكثر استقلالية إزاء القضية الفلسطينية؟ أم أنه يفضل البقاء في الطابور الخاص برموز المحافظين من ذوي الأيديولجية الصهيونية، بدءًا من «بلفور»، ومرورًا بـ»تشرشل»، و»تاتشر»، والذين بدلاً من أن يكفِّروا عن جريمة قيام كيان العصابات الإسرائيلي بمؤازرة إنجليزية، دعموا استمراريته على حساب دماء الفلسطينيين التي أريقت فوق أديم أرض آبائهم وأجدادهم!

مشاركة :