هل اقتربت حقبة النفط الصخري من نهايتها؟ (1-2)

  • 12/10/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

د. محمد الصياد لقد كان العامل الرئيسي في مرونة إنتاج النفط الصخري الأمريكي، هو استمرار حصوله على التمويل الميسر. اليوم، هذا الامتياز لم يعد متيسراً كما كان عليه الحال في السابق. الإفلاس و«مبيعات حرق الأصول» Fire sale (بيع الأصول بأسعار بخسة تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية)، ليست في مصلحة أحد في ظل أسعار النفط الحالية المنخفضة. ومن هنا كان الميل إلى أن يكون التساهل سيد الموقف في ما يتعلق بتمديد آجال استحقاق القروض. ويحاول منتجو النفط الصخري ومُموِّلوهم التعامل مع هذا الواقع. وبشكل عام، فإن الحالة المالية لصناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة ليست على ما يرام. فقد سُجل عدد من حالات الإفلاس، مع توقعات بتزايدها في الأشهر المقبلة، كما انخفضت أسعار أسهم الشركات العاملة في القطاع بشكل كبير، وصلت في الغالب إلى 90%. الأموال السهلة، كما قلنا، هي التي وقفت وراء رواج صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2010 إلى 2014. وهذه الأموال «السهلة» هي التي أبقت الصناعة على قيد الحياة في فترة انخفاض الأسعار في عامي 2015 و2016، حين تراوحت أسعار النفط بين 30 و40 دولاراً للبرميل، علماً بأن معظم إنتاج النفط الصخري الأمريكي يأتي من شركات صغيرة مستقلة تفتقد إلى متانة الموقف المالي للشركات الأكبر حجماً، التي تهيمن على صناعة إنتاج النفط التقليدي (Conventional oil). وبالمقارنة مع الشركات الكبرى، فإن هذه الشركات الصغيرة تعتمد بدرجة كبيرة على إصدارات السندات والإقراض المدعوم بالأصول، وبدرجة أقل على إصدارات الأسهم. وعملياً، فإن جميع الشركات المنتجة للنفط الصخري، هي الآن تواجه مشكلة التدفقات النقدية الداخلية السلبية (Negative cash flow) التي تعني أن ما يدخل في حساباتها أقل من ما يخرج منها. وقد كان هذا الوضع قائماً أصلاً، حتى إبان طفرة أسعار النفط في الفترة من 2010 إلى 2014. وسبب ذلك لا يقتصر فقط على التكاليف الإنتاجية الباهظة وانخفاض مستوى استرداد البئر الواحدة، وإنما على الأموال التي أُنفقت على شراء عقود الإيجار، وعلى بناء البنية التحتية للمشاريع. هنا يجب التمييز بين تكلفة الدورة المالية الكاملة التي تشمل أيضاً تكلفة الإيجار، وتكلفة نصف الدورة (المالية) التي تشمل تكاليف الحفر والتكسير الهيدروليكي، ولكن تستثني عقود الإيجار. وطالما كان سعر برميل النفط أعلى من تكاليف نصف الدورة المالية، فهناك حافز لمواصلة الحفر من أجل تقليل الخسائر. لكن هنالك ميزة أخرى لافتة ميزت صناعة النفط الصخري الأمريكي، ولا تزال كذلك، وهي قدرتها على التكيف السريع والمرن مع هذه التحديات، وهو ما فاجأ كثيرين في عام 2015 حين ارتدّت أسعار النفط، حتى إن إنتاج النفط الصخري انخفض بنسبة أقل مما كان متوقعاً. فمن ذروته الإنتاجية في مارس 2015 التي بلغت 5.6 مليون برميل يومياً، لم ينخفض الإنتاج سوى بمقدار 600,000 برميل يومياً. وكانت الشركات العاملة في حوض بيرميان أكثر مرونة في التعامل مع ذلكم الانخفاض منها في حقل إيجل فورد. ولم تحدث موجة إفلاسات كما توجس كثيرون. وفي ما يتعلق بهذه المرونة، فإنه في الجانب التقني، كان هناك تركيز متزايد على أفضل المناطق المنتجة، فيما تم تقليص أو توقيف النشاط في المناطق الفقيرة إنتاجياً، كما أُجري خفض حاسم في التكاليف في جميع فروع الصناعة.

مشاركة :