وسط أجواء إيجابية اختتمت قمة الرياض أعمالها قبل أسبوع بالتأكيد على أهمية تماسك ووحدة مجلس التعاون الخليجي وعلى ضرورة التكامل العسكري والأمني وفقا لاتفاقية الدفاع المشترك.ولعل المفرح في هذه القمة طغيان اللهجة التصالحية بعد فترة من الجمود والمخاصمة السياسية بين قطر من جهة وبين كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة ومملكة البحرين لأول مرة منذ يونيو 2017.وتجلت هذه الأجواء في حضور رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني لفعاليات قمة الرياض واستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز له في مشهد أعطى الكثير من الدلالات الإيجابية وخاصة مع تبادل الملك سلمان للأحاديث الودية والابتسامات مع رئيس الوفد القطري.وبدا واضحا بأن هناك كسرا للجمود وبأن وساطة الكويت الحكيمة التي يقودها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح أخذت تؤتي بثمارها وتلقى قبولا بين الأشقاء المتخاصمين أخيرا رغم بطء وتيرة خطوات جهود المصالحة التاريخية.ولعل كلمة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمام زعماء القمة بأن تعزيز خيار الحوار وتغليب الحكمة هو السبيل لحل الخلافات وأكدت على أهمية تجاوز خلافات الماضي وضرورة تعزيز الأجواء الإيجابية لاستكمال مسيرة مجلس التعاون وتحقيق الطموحات المنشودة.كما أشار الشيخ صباح الأحمد في تعقيب له بأن يكون إعلان الرياض هو الطريق لمستقبل مجلس التعاون وعن تطلعاته بأن تكون الاجتماعات المقبلة خير من سابقاتها.وما يهم الآن هو طي صفحة الخلافات بصورة نهائية ووضع قواعد صحيحة ترسم العلاقات بما يحفظ الحقوق والواجبات لجميع الدول الأعضاء بالمجلس والانطلاق نحو تنفيذ الخطوات العملية للوحدة المطلوبة وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري واللذان يعتبران حجر الزاوية نحو مجلس خليجي ناجح بكل المقاييس ويستطيع مواجهة التحديات الدولية والإقليمية.ومن جانب آخر فإن التصريحات الأبرز جاءت على لسان وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي أكد بأن المحادثات التي جرت في الآونة الأخيرة كسرت جمودا استمر لفترة طويلة مع السعودية وأن بلاده ستدرس مطالب خصومها في الخلاف الخليجي ولكنها لن تدير ظهرها لحليفتها تركيا في الوقت نفسه.ويبدو أن المفاوضات خلف الكواليس تدور حول الـ13 مطلبا وضعتها دول المقاطعة للدوحة من أبرزها إغلاق قناة الجزيرة وإغلاق قاعدة تركية في قطر وخفض العلاقات مع إيران وقطع الصلات مع جماعة الإخوان المسلمين.وفي المقابل ترغب الدوحة من السعودية فتح مجالها الجوي أمام الرحلات القطرية وإعادة فتح منافذ قطر البرية.ولكن من الواضح أن وتيرة المحادثات التي كسرت الجمود ستأخذ وقتا طويلا وهو ما اعترف به وزير الخارجية القطري نفسه بقوله بأن هذه المفاوضات لازالت في مرحلة مبكرة للغاية وبأن ما حدث في العامين ونصف الماضيين كان كثيرا وبأن هناك على حد قوله حاجة لبعض الوقت لإعادة بناء الثقة من جديد.لقد زرعت قمة الرياض بالتأكيد اللبنة الأولى في طريق عودة المياه إلى مجاريها بين الأشقاء الخليجيين وتنقية الأجواء وتصفية النفوس،فالشرخ كان وقعه كبيرا وساهم في مزيد من الفرقة والتشرذم بما لا يخدم وحدة وتماسك دول الخليج ولكن بالجهود الصادقة والنوايا الحسنة سيتم تجاوز العقبات والعثرات في القريب العاجل بمشيئة الله.ماجد العصفور
مشاركة :