خلف اعتقال المنتج والمخرج والممثل التلفزيوني الجزائري المعروف، عبد القادر جريو، استياء كبيرا في أوساط الناشطين بالحراك الشعبي والفنانين وأعاد إلى الواجهة مسألة التضييق على حرية التعبير والرأي المعارض في الجزائر.وقال محامي المخرج جريو لصحافيين، أمس، إن النيابة ستستجوبه اليوم، فيما رجح حقوقيون أن الوقائع مرتبطة بانخراطه في المظاهرات ضد النظام وتصريحاته المعارضة لقائد الجيش.واعتقل رجال الدرك ليل أول من أمس جريو في نقطة مراقبة أمنية بمنطقة واد تليلات بوهران (400 كلم غرب العاصمة)، بعد ساعات قليلة من مشاركته في مظاهرات الجمعة، وبعد أن بث فيديو وسط المتظاهرين، انتقد فيه السلطة، وعبر عن رفضه للانتخابات، التي جرت في 12 من الشهر الحالي، والتي أفرزت عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية.وكان جريو قد انتقد في تصريح سابق، واقع حرية التعبير في بلاده، بقوله: «ما آل إليه واقع الحريات في الفترة الأخيرة مؤسف. فقد سجلنا تراجعا ملحوظا في هذا الشأن في ظل محاولة السلطة ممارسة حقها اللامشروع في الاعتقالات بطريقة أفلام الأكشن للترهيب والتخويف». معتبرا أن المؤسسات الإعلامية أصبحت «عبدا مأمورا، ينفذ ما تمليه عليه السلطة التي استطاعت أن تعطي درسا في التحكم في الإعلام، حين أغلقت قناة الخبر، بتلك الطريقة».وقال محمد كرمة، محامي جريو، أمس، إن موكله «محل شبهة التحريض على التجمهر»، ما يعني في القانون الجنائي، تشجيع الأشخاص على التظاهر في الشارع من دون رخصة حكومية. مشيرا إلى أن النيابة بمحكمة واد تليلات ستسأله اليوم عن الوقائع المنسوبة له.وكان جريو قد تعرض لمضايقات شديدة مع فريق من الفنانين الشباب في أواخر حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بسبب إنتاجات تلفزيونية تناولت بسخرية إدارة الشأن العام، ونفوذ السعيد شقيق الرئيس (أدانه القضاء العسكري بـ15 سنة سجنا) في الدولة. وقد منعت قوات الأمن بالقوة تصوير حلقات من هذه الإنتاجات في شهر رمضان 2016،ويتحدر جريو من مدينة بلعباس (غرب)، المعروفة بالمسرح ومختلف الفنون، وقد عرف عن المخرج الذي ينشط أيضا في المجال السّياسي، بمواقفه المناهضة لخطة قيادة أركان جيش البلاد في الخروج بالجزائر من أزمتها.في سياق ذلك، أدانت محكمة الجنح بالعاصمة الخميس الماضي «شاعر الحراك» محمد تاجديت، بـ18 شهرا حبسا نافذا، بتهمة «المس بالوحدة الوطنية». وكان سبب ملاحقته كتابات وتصريحات نشرها بـ«فيسبوك»، هاجم فيها السلطة. وتمت محاكمته في اليوم نفسه، الذي تعهد فيه الرئيس الجديد عبد المجيد تبون في خطاب اليمين الدستورية باحترام حرية التعبير والرأي، والحق في التظاهر المكفولين دستوريا.واعتقلت قوات الأمن في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الرسام عبد الحميد أمين (يدعى نيم). وتمت إدانته بعام حبسا. كما احتجز الأمن أغراضه بعد تفتيش ورشة الرسم التي يملكها. وكان من بين المحجوزات لوحتان زيتيتان، إحداهما يظهر فيها قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، والرئيس الانتقالي السابق عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء السابق نور الدين بدوي، وهم يعزفون موسيقى على ظهر سفينة توشك على الغرق. بينما يبدو الركاب في حالة هلع يصرخون، وهو وصف يستلهم من أحداث فيلم «تيتانيك» الشهير، في إشارة إلى أن رجال السلطة لا يعبأون بـ«مصير الجزائر التي تشرف على الهلاك».أما في اللوحة الثانية فيظهر قايد صالح مع بن صالح، وهما يخيطان ثوب «سوبرمان» على مقاس المرشح للانتخابات آنذاك عبد المجيد تبون، الذي كان واقفا أمام نافذة، يتابع ما يجري خارج الحجرة، فيما تبدو صورة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة معلقة. ولا تعرف التهمة التي تلاحق الرسام، لكن يرجح أنها تتعلق بـ«الإساءة لرموز الدولة».كما سجنت السلطات عشرات الناشطين السياسيين ومئات المتظاهرين، منذ اندلاع الأحداث قبل 10 أشهر. ويوجد من بينهم طلاب بالجامعة، وأشخاص اعتقلوا بسبب حمل الراية الأمازيغية، وآخرون متهمون بـ«إضعاف معنويات الجيش»، أشهرهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة.
مشاركة :