الدوحة-الراية: كشفت صحيفة بريطانية عن التحاق مئات «المرتزقة السوادنيين» للقتال في صفوف اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً ما يؤشر بتحول الصراع في ليبيا إلى مآلات أخرى. وجاء في التقرير الذي أعده كل من جيسون بيرك وزينب محمد صالح، ونشرته صحيفة الجارديان: إن المئات من المرتزقة السودانيين انضموا حديثا إلى قوات اللواء الليبي حفتر التي تشن عملية حرب على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في طرابلس، وهو الأمر الذي يعزز المخاوف القائمة من أن يتحول الصراع الليبي إلى حرب عالمية ضروس من شأنها أن تزعزع معظم المنطقة. ونقلت الصحيفة البريطانية عن قادة لمجموعتين منفصلتين من المقاتلين السودانيين في ليبيا قولهم إنهم استطاعوا أن يجندوا المئات من هؤلاء في الأشهر الأخيرة للقتال إلى جانب حفتر. وذكر أحد هؤلاء القادة -ويتخذ من جنوب ليبيا مقرًا له- أن الكثير من الشباب يأتون للانضمام إلى هذه المجموعات لدرجة «أننا لم نعد نملك القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة» على حد قوله. وحول عدد السودانيين الذي يقاتلون في ليبيا، قال القادة للصحيفة نفسها: إن «هناك الآن حوالي 3 آلاف مرتزق سوداني على الأقل في ليبيا، وهذا العدد أكبر بكثير من تقديرات سابقة ظهرت في الماضي. وأكد أحد القادة أن المرتزقة السودانيين ساهموا بشكل حاسم في السيطرة على حقول النفط لصالح قوات حفتر، مشيرًا إلى أنه «لولا تدخلنا لما تمكنوا من تحريرها، لقد ساهمنا بـ 50% من الجهد العسكري هناك»، وعلقت الصحيفة البريطانية على ذلك بقولها إن الأمم المتحدة أكدت الدور الذي لعبه المرتزقة في السيطرة على تلك الحقول. وقال قادة هؤلاء المرتزقة السودانيين إن الموجة الجديدة من المجندين تضمنت العديد ممن قاتلوا ضد حكم الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير الذي أطيح به في أبريل الماضي بعدما سحب الجيش السوداني دعمه له بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية. وذكر أحد القادة أن العديد من هؤلاء تم تجنيدهم في دارفور في الأشهر الأخيرة، في حين سافر آخرون من هناك إلى ليبيا للتجنيد. واللافت أن صحيفة الجارديان أشارت إلى أن جميع القادة الذين قابلتهم كانوا يأملون في العودة إلى السودان للقتال ضد الحكومة الانتقالية الحالية التي تشكلت بعد سقوط البشير. وقال أحدهم «أدرك أننا مرتزقة ولا نقاتل بشرف ولا كرامة، لكن هذا مؤقت، سنعود إلى الوطن بعد إنجاز مهمتنا هنا». وقال آخر إن المشاركة في الحرب الليبية هي الطريقة الوحيدة للحصول على المصادر الضرورية لمواصلة القتال في السودان، وأضاف أنه لم يتوقع سقوط الديكتاتور العجوز إلا أن نهايته «غيرت المعادلة السياسية»، مشيرًا إلى أن الحكومة الانتقالية في الخرطوم لا تختلف عن النظام السابق، ولا نعتقد أن البشير قد انتهى، ونحن الآن في ليبيا، لكن هناك معارك أخرى تنتظرنا في السودان». وقالت الجارديان نقلاً عن مرتزق سوداني آخر رفيع المستوى متمركز بالقرب من طرابلس قوله: «ليس لدينا جدول زمني لمغادرة ليبيا، وأن وجودنا هناك كان مؤقتا». ولفتت الصحيفة إلى أن تقارير أخرى تحدثت عن وجود عدد كبير من المقاتلين السودانيين التابعين لقوات الدعم السريع السودانية شبه العسكرية في ليبيا، وذلك استجابة لطلب من حفتر. من ناحية أخرى، نقلت الجارديان عن أحد قادة هؤلاء المرتزقة قوله إنهم يساعدون كذلك في تهريب المهاجرين المتجهين إلى أوروبا عبر الحدود بين السودان وليبيا والصحراء، مبررًا ذلك بقوله «أنت تعلم أنه عندما لا يكون لدى المقاتلين ما يقومون به فإن عليهم أن يقوموا بعمل ما، لذلك يضطلع هؤلاء المرتزقة أحياناً بمهمة تهريب البشر». ويلفت التقرير إلى أن لجنة من خبراء الأمم المتحدة أصدرت في بداية الشهر الحالي تقريرًا تقول فيه إن التدخل الخارجي يعد تهديدًا لاستقرار البلد الذي مزقته الحرب، مشيرًا إلى أن التقرير الدولي المكون من 376 صفحة، قال إن وجود الجماعات المسلحة السودانية بات واضحًا في عام 2019، وقد يقود إلى حالة واسعة من عدم الاستقرار. وقالت الأمم المتحدة إن تدخل مقاتلين من السودان في ليبيا يمثل تهديداً مباشراً لأمن البلاد. ومنذ 4 أبريل الماضي، تشهد طرابلس، مقر حكومة الوفاق، وكذلك محيطها، معارك مسلحة بعد أن شنت قوات حفتر هجوماً للسيطرة عليها وسط استنفار لقوات «الوفاق»، وتنديد دولي واسع، وفشل متكرر لحفتر، ومخاوف من تبدد آمال التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة.
مشاركة :