كيف يمكن القضاء على الفساد؟! | محمد بتاع البلادي

  • 5/23/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

•السؤال المسطر أعلاه ، فاجأني به أحد الصحفيين الشباب على هامش لقاء إعلامي عقد في القاهرة قبل أسابيع. هل الفقر هو سبب شيوع الفساد في المجتمعات العربية ؟! وهل نحتاج لسن المزيد من القوانين للقضاء عليه ؟! . قلت : من الخطأ النظر إلى الفساد على أنه نتاج عوامل اقتصادية فقط ، أو أنه حكر على الفقراء .. فالقول أن الفقر هو المسئول الأوحد عن انتشار الرشوة مثلاً في البلاد العربية قول خاطئ ومضلل.. فالواقع يثبت أن كثيراً من المرتشين لم يشعروا يوماً بقسوة الفقر؛ بل إن بعضهم يمتلك الملايين ؛ و مع ذلك تجدهم يقبلون الرشوة ويُقبِلون عليها !. •من المؤسف جدا أن يتحول الفساد في ( بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان) إلى ظاهرة مجتمعية شبه عامة ، ولا يصل الفساد إلى هذه الدرجة من الشيوع إلا في ظل وجود خلل في منظومة الخدمات المعيشية والخدمية الأساسية للمواطن العربي ،وهي ( السكن ، التعليم ، الصحة والوظائف ) .. هذه الخدمات الأساسية الأربع أو قل إن شئت القواعد الأساسية الأربع للرضا المعيشي بالنسبة للمواطن إن اهتزت - كما هو الحال في معظم البلدان العربية - فإنها تدفع المواطن إلى الشعور بالغُبن والعجز وعدم المساواة .. ما يؤدي إلى خلق حالة مجتمعية تتسم بالأنانية والانتهازية وانعدام الولاء .. وهذه الحالة لا يمكن علاجها بزيادة الرواتب المصحوب- في الغالب - بزيادة في الأسعار ، ولا بالتسابق على دخول موسوعة (جينس) بإنشاء أكبر مستشفى ، وأكبر مطار ، وأكبر صحن (كُشري ) !! ، بل بتحسين الخدمات الأساسية،وإيصال المواطن إلى درجة مقبولة من ( الرضا المعيشي) ، وهي حالة يصل فيها الناس إلى درجة معقولة من الإحساس بالأمن والاكتفاء والاتزان والرضا عن أداء المؤسسات الحكومية .. هذا هو الدرع الحقيقي ضد الفساد ، ومن يعرف جيداً ما وصل إليه (شُقران ) أوروبا من توازن نفسي واجتماعي نظير ما يلقونه من مستوى معيشي مميز ؛ وخدمات متقدمة ، وقبل ذلك كله الشفافية والاحترام والتعامل الإنساني ، لا يستغرب إطلاقاً تصدُّرهم لقوائم النزاهة والشفافية والسعادة أيضاً . • باختصار .. لن تتقدم الدول العربية خطوة واحدة في حربها على الفساد ، إلا بتقدم المواطن العربي بنفس المقدار في سُلّم الخدمات الأساسية والرضا المعيشي .. وهو الأمر الذي يجب أن تعمل الحكومات العربية على تحقيقه إن أرادت فعلاً القضاء على الفساد . Twitter: @m_albeladi m.albiladi@gmail.com

مشاركة :