* حلم البشر طويلا بعقاقير مُحفزة لبعض الصفات الإنسانية الخيّرة مثل الأمانة والصدق والشجاعة، وما رواية الدكتور يوسف السباعي "أرض النفاق" التي صدرت في خمسينيات القرن الماضي إلاّ حلقة من تلك الأحلام الطوباوية الكثيرة لمقاومة طغيان الزحف المادي على النفس البشرية، والذي أفرز عالمًا مليئًا بالفساد والكذب والأنانية. * لكن.. يبدو أن هذا الحلم الإنساني القديم قد أصبح قريب المنال.. فإذا كان العلماء قد نجحوا منذ سنوات في صناعة عقاقير طبية ساعدت المرضى النفسيين على زيادة جرعات الثقة في نفوسهم، أو زرعت الطمأنينة في نفوسهم القلقة.. فإنهم -وأعني العلماء- باتوا يتحدثون اليوم عن عقاقير أكثر جرأة وتطورا وفعالية، عقاقير تغرس في الإنسان ما لم تستطع لا المدارس ولا غيرها غرسه من سلوكيات إيجابية كالكرم والشجاعة والصدق.. ولك أن تتخيّل أن الزوجات اللاتي ينتابهن شكّ في زواج أزواجهن "مسيارًا أو مسفارًا" لم يعدن بحاجة لإجراء تحقيقات مطوّلة واستجوابات عنيفة معهم، وإنما يكفي أن تضع إحداهن "حبة صدق" واحدة في كوب الشاي الخاص بالزوج، لكي "يخرّ بالهرجة كلها" وبكل شفافية.. أما إن كانت بحاجة للمال فعليها وضع "حبة كرم" جرعة "500 مل" ليتحوّل صاحبنا إلى "حاتم طائي على غفلة".. ذابحًا حصانه الأثير إكرامًا لسواد عيونها!. * الأمر ليس دعابة.. بل حقيقة تثبتها الأبحاث التي تجرى منذ سنوات على مراكز الصفات الإنسانية في الدماغ.. فبحسب بحث نشرته إحدى المجلات المتخصصة مؤخراً سيكون باستطاعة العلماء التحكم في نقاط بالغة الحساسية في الدماغ، بحيث يمكن تعديل مزاج الإنسان وصفاته، وممارسة نشاط معيّن بالشكل والوقت الذي يريد، فإن كان يرغب في حضور اجتماع مثلاً؛ ويهمّه أن يكون عقله مستعدًا للأرقام والإحصائيات التي ستُطرح، فإنه يستطيع تنشيط المنطقة الرقمية في دماغه ليبدو أكثر ذكاء.. أما إن أراد مشاهدة مباراة كرة قدم فعليه ابتلاع حبة لتنشيط الأجزاء الترفيهية في دماغه كي يستمتع بالمباراة.. بل إنه يستطيع إن كانت زوجته من النوع "النّكدي" الذي لا يحب الكُرَة، أن "يدفّها" بحبّة لتصبح في حماسة واندفاع "رئيس رابطة المشجعين" لفريقه المفضل. * المدهش أكثر.. أنه سيكون باستطاعة العلماء في السنوات المقبلة إجراء تصوير للدماغ لمعرفة التاريخ السلوكي للإنسان، وهل مارس الكذب أو الخيانة يومًا، وبالتالي فإن المرشحين لتولي منصب مهمّ، لن يكتفوا بتقديم سيرة ذاتية فقط، بل سيشفعونها بتقارير طبية، وصور إشعاعية لأدمغتهم تثبت أنهم ليس لديهم قابلية للسرقة أو خيانة الأمانة، وأن أخلاقهم ضمن الحدود الطبيعية!. * يقول العلماء: إنّ هذه التطورات ستخلق عالمًا جديدًا خاليًا من الكوارث التي يمكن أن يُسبّبها وصول الفاسدين إلى مناصب لا يستحقونها.. لكنني أشكّ في ذلك، على الأقل بالنسبة للعالم العربي.. فللعقل العربي ألاعيبه التي عجزت عنها كل تكنولوجيا الغرب وعلومه.. الأمر يُذكّرني بالطرفة التي تقول: إنّ شركة عالمية وبعد أن صنعت جهازًا إلكترونيًا للتعرف على اللصوص قامت بتجربته في أحد شوارع "نيويورك" وخلال ساعة قبض على "500" لصّ.. ثم جرّبته في إحدى ساحات لندن وخلال ساعة أيضاً قبض على "700".. مما شجّع الشركة على تجربته في أحد الشوارع العربية.. وفي غضون 10 دقائق فقط (سُرق) الجهاز!!. m.albiladi@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :