أضعف الإيمان (الحزن يلف القديح مجدداً!)

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

القُدَيح قرية تقع شرق السعودية، تحضنها بساتين النخيل. هذه البلدة فجعت عام 1999 بحريق مروع في خيمة زفاف، ذهب ضحيته العروس كريمة أبي الرحي، والعشرات من الأطفال والنساء، والرجال. وعاشت القديح ليلة مفجعة. يوم الجمعة الماضي عاود الحزن زيارة القرية الوادعة. فجر إرهابي نفسه وسط مسجد الإمام علي، مخلفاً 21 قتيلاً وعشرات المصابين. هذا الإرهابي قتل مواطنيه باعتبارهم مشركين. قتلهم بحقد مذهبي قبيح. الإرهابي الشاب، الذي فجر نفسه، لقنه شيوخه أن مواطنيه الشيعة كفار يجوز قتلهم، فذهب إلى المسجد يطلب «الشهادة» بدم أبرياء يؤدون الصلاة يوم الجمعة. تأمّل هذه الصورة المفزعة. مسلم يقتل مسلمين راكعين خاشعين بدم بارد، ويدعي محرضوه أنه يقوم بعمل شجاع. اصرف النظر عن الأوضاع السياسية في المنطقة. لا تبرر هذا الفعل المتوحش بالصراع بين إيران والعرب. لا تجعل هذا المصاب الجلل نتيجة حتمية لتفشي الإرهاب المتوحش الذي تقوده «داعش»، تجاهل كل ذلك. خلّص رؤيتك لجريمة القديح من كل التحليلات السياسية التي تسمعها من وسائل الإعلام، وتقرأها في الصحف. ارفض هذا الكلام الذي يسوغ لك التماهي مع هذه الجريمة، باعتبارها خلاصة مؤامرات إقليمية ودولية تفوق فهمنا، لا تستسلم لهذا الخداع. جريمة القديح تستدعي منا جميعاً أن ننظر إلى ذواتنا، وأفعالنا، ومفاهيمنا عن بعضنا البعض. اقرأ ما يكتب في منصات التواصل الاجتماعي. استمع إلى بعض خطباء المساجد، والأحاديث الدينية في القنوات والإذاعات الدينية، ستجد أننا نعيش حالاً من التحريض الذي يعد سابقة. تأمل مضمون بيان «داعش» الكريه الذي تبنى قتل أهلنا في القديح، ستكتشف أنه يتكرر في وسائل إعلامنا، وخطبنا وأحاديثنا بصيغ مختلفة. المسيرات، والمقالات، والخطب والتصريحات المنددة لن توقف هذه الجرائم ضد الأبرياء، طالما استمر خطاب التحريض على المواطنين الشيعة في بلادنا. جريمة القديح يجب أن تصبح محطة فاصلة، إذا كنا جادين في لجم الإرهاب المذهبي. يجب إصدار قانون يجرم كل من ينال من المذاهب. وكل من يصمت عن وصف الإرهابيين بأنهم كذلك. لا بد من استبدال خطاب التحريض والكراهية، بخطاب المواطنة. لا بد من تخليص خطابنا الثقافي والسياسي من المؤدلجين، وأصحاب الأفق الضيق. أبعدوهم عن قيادة الرأي العام حتى تسود المواطنة. لا شك في أن جريمة القديح تستهدف زعزعة الاستقرار، وتأصيل الثقافة «الداعشية» في وجداننا، وخلق حال من الانتقام، وصولاً إلى حشد جماهيري لانتقام مضاد، يشبه في وحشيته جريمة القديح البشعة. الأكيد أن مواجهة الإرهاب تتطلب منا إجراءات قانونية صارمة تجرم التحريض، وتلجم الحس المذهبي بيننا. حمايتنا تكمن في نزع البيئة الحاضنة لهذا الفكر من كل الأطراف. خلاصنا في خطاب لا يفرق بين الموطنين مذهبياً.

مشاركة :