خطاب الشتّامين وعتادهم!! | عبدالله علي الخطيب

  • 5/25/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شيوع خطاب الشتم، والسب، والتهديد، والتحقير، والاستهزاء، في مجتمعاتنا العربية وتحوله إلى ظاهرة أقل ما يقال عنه إنه مقلق للغاية . أصبح المواطن العربي، بشكل عام هو المتخصص في فنون السب والشتم إلى درجة ألا أحد يستطيع أن يجارينا في هذا اللون من ألوان الكلام وأننا أيضاً على استعداد لتصدير فنونه وآلياته للعالم، ولا أشك أيضاً انها ستكون ماركة عربية مسجلة لا يجارينا فيها أحد. يدخل خطاب الشتامين ضمن ما يعرف بظاهرة «العنف اللفظي» ويمكن أن نقول أن هذا الخطاب يعني - بدون تكلف علمي- لجوء الإنسان الى استخدام الألفاظ النابية والبذيئة بغرض الاساءة أو الاستهزاء أو التحقير أو إهانة الآخرين لينتصر لفكرة أو عصبية أو طائفة أو عرق أو مذهب... لماذا أضحى جزء كبير من أفراد مجتمعاتنا بذيئاً إلى هذا الحد؟ يبدو أن هذه الظاهرة مرهونة بقضية «الإفلاس»، فالشتّامون مفلسون فكرياً ولغوياً ومهزومون نفسياً، وباختصار فإن الشتم والسب هما، غالباً، حيلة العاجز. والشتامون لا حدود لخطاياهم، فهم مستعدون من أجل أن ينتصروا أن يستبيحوا كل شيء. مستعدون أن يستبيحوا أدق تفاصيل الآخرين، ويلفقوا أبشع وأشد أصناف وألوان الكذب والبهتان. والشتامون في الغالب «خفافيش» لا يفضلون ولا يقدرون على المواجهة فدائماً ما يتوارون خلف شيء ما : إما خلف اسم مستعار، أو من وراء حجاب ؛ فكلما كانوا متوارين خلف حجاب كلما كانت درجة السقوط في شرك الإساءة والبذاءة أكبر. ولا شك ان ثورة القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لعبت دوراً كبيراً في تفشي هذه الظاهرة. من أشد وأخطر نتائج شيوع هذه الظاهرة وحضورها في مجتمعاتنا العربية هي توجيه النقاش العام في هذه المجتمعات الى قضايا، غالبا، ما تكون (تافهة) ؛ فعوضاً أن يتم التركيز على القضايا الأساسية التي تهم التنمية والناس ومحاولة ايجاد حلول جوهرية لهذه القضايا لكي نلحق بمن سبقونا من البلدان والأمم، نجد أن المجتمع بقضه وقضيضه يصول ويجول ويتعارك في قضايا لن نخسر كثيراً لو أننا محوناها من الذاكرة. لا أعلم كيف لنا أن نتصدى لهذه الظاهرة، ولكني أود أن أفكر معكم بصوت عالٍ حول علاقة اللغة بهذه الظاهرة وأتساءل : هل «الإفلاس اللغوي» يلعب دوراً في شيوع هذه الظاهرة ؟ بمعنى أن عجزنا في أن نؤسس لأجيال قادرة على التعبير والتفكير ومتمكنة «لغوياً»، جعل كثيراً من أفراد مجتمعاتنا يلجأ الى أساليب الشتم والسب نظراً لأنه «مفلس» لغوياً ولا يوجد لديه العتاد اللغوي الذي يستطيع من خلاله أن يواجه المواقف التي تواجهه في حياته اليومية، وبالتالي يلجأ «لحيلة العاجز». وفي الختام صدق خاتم النبيين الذي عرّف المسلم بمن كف أذاه اللفظي والجسدي حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم « المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.» رحماك ربي في هذا العالم المثخن بالجراح والأذى... A1250@hotmail.com

مشاركة :