مناهجنا و«خطاب» نداء مكة.. | عبدالله علي الخطيب

  • 2/22/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سبق وأن كتبت عن نداء مكة، وعن أهمية هذا النداء الذي يمكن أن يصنف كأعظم وثيقة (حوارية) تبنتها المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها.( نداء مكة) الذي أطلقه في عام (1429،2008) ومن مكة المكرمة، وبناء على دعوة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وجعل الخلد مثواه، مجموعةٌ كبيرة من العلماء والباحثين من معظم أنحاء العالم الإسلامي؛ أتوا الى مكة المكرمة، على اختلاف مذاهبهم وتأويلاتهم، واجتمعوا لإطلاق دعوة عالمية استثنائية للحوار، والتعايش، والاحترام المتبادل بين الشعوب. النداء متاح على موقع رابطة العالم الإسلامي، وسبق أن حظيت الملحقية الثقافية في باريس في ترجمته إلى اللغتين الفرنسية والأسبانية؛ وسأشير فقط إلى بعض فقرات هذا النداء، آملاً في أن نعود اليه ونعيد قراءته من جديد. مما جاء في النداء (وأنقله اليكم كما هو) : -»فتح قنوات الاتصال والحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية، والمناهج الفكرية المعتبرة؛ تحقيقاً لعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم». -»الإسهام في مواجهة التحديات وحلّ المشكلات التي تواجه البشـرية بسبب بعدها عن الدين، وتنكُّرها لقيمه وأحكامه؛ مما أوقعها في براثن الرذيلة والظلم والإرهاب وهتك حقوق الإنسان وإفساد البيئة التي أنعم الله عز وجل بها على البشرية». - «مساندة القضايا العادلة المتعلقة بحقوق الإنسان المشروعة والدفاع عنها ، وتكوين رأي عام عالمي يناصرها ويهتم بها ويتعاون على تحقيق مطالبها المشروعة». - «كشف دعاوى المروجين لصـراع الحضارات ونهاية التاريخ، ورفض مزاعمهم بعداء الإسلام للحضارة المعاصرة؛ بهدف إثارة الخوف من الإسلام والمسلمين ، وفرض السيطرة على شعوب العالم، وبسط ثقافة واحدة عليه». - «التعرف على غير المسلمين وثقافاتهم، وإرساء المبادئ المشتركة معهم، مما يحقق التعايش السلمي والأمن الاجتماعي للمجتمع الإنساني، والتعاون في بث القيم الأخلاقية الفاضلة، ومناصرة الحق والخير والسلام، ومكافحة الهيمنة، والاستغلال، والظلم، والفساد الخلقي، والتحلل الأسري، وغيرها من الشرور، التي تهدد المجتمعات». - «حل الإشكالات والخصومات التي قد تقع بين المسلمين وغيرهم ممن يتشاركون معهم في الأوطان والمجتمعات بدرجتي الأكثرية أو الأقلية، وتوفير المناخ الصالح للتعايش الاجتماعي والوطني؛ بلا مجافاة أو خصومات أو تباعد». - «تحقيق التفاهم مع الحضارات والثقافات الإنسانية , وتأكيد انخراط المسلمين ضمن التعددية الحضارية لبني الإنسان , وتوظيف هذا التفاهم لتحقيق السلام العالمي وحمايته». -» دعم التواصل بين أتباع المذاهب الإسلامية سعياً إلى وحدة الأمة , وتخفيفاً من آثار العصبية والخصومة». نلاحظ من خلال قراءة عابرة لهذه المقتطفات كيف أن مضامين النداء جاءت شاملة ومباشرة، ومن دون لغة خشبية اعتدنا عليها لسنوات طويلة ،وكنا في أمس الحاجة الى تجاوزها. النداء مد يده لأتباع الديانات الإلهية والفلسفات الوضعية، ودعا الى مساندة القضايا العادلة وحقوق الإنسان، والمشاركة في التفكير ومعالجة التحديات التي تواجه المجتمع الدولي والتي من ضمنها رهانات البيئة والمخاطر التي يترتب على انتهاكها. ويأتي الحرص على استحضار النداء مرة أخرى اليوم، لسبيين رئيسين : -الأول : بما أن هذه النداء تبنَّته المملكة العربية السعودية، وشارك به مجموعة من كبار العلماء في السعودية، فإنه بالتالي يمثل المملكة ويمثل سياساتها الخارجية الإسلامية التي تقوم على مشروعية (الاتصال والتواصل) مع جميع معظم المذاهب والعقائد والأفكار في العالم، كما ذُكر في النداء؛ وبالتالي لا بد من الاستفادة منه على عدة مستويات . - الآخر وهو دعوة لوزارة التعليم لأن تتبنى هذا النداء وأن تتخذه الوثيقة (الأساسية) لمفهوم (المثاقفة) والموقف من (الآخر)؛ دعوة لأن يكون نص النداء بكامله جزءاً من مناهجنا، وأن يكون حاضراً في جميع المراحل التعليمية (التعليم العام والجامعي)؛ دعوة لأن تُعاد قراءة النداء، ويتم تحليله وأقلمته وتبسيطه لبعض المراحل، الى ان يتبلور على هيئة كتاب أو وثيقة، تصبح بالتالي وثيقة التعليم في المملكة للعلاقة بين الأنا والآخر. ولا يفوتنا القول إنه : كما أن النداء من الأهمية بمكان على مستوى وزارة التعليم، فإنه حتماً يشكل وثيقة حضارية ذات صلة بخطابنا الموجَّه للخارج.. فلو نظرت إليه وزارة الخارجية من زاوية أخرى، سيكون، في ظني، ملهماً لها في تعزيز بنية هذا الخطاب... A1250@hotmail.com

مشاركة :