هل نحن أعداء التطور؟

  • 1/10/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شيماء المرزوقي في كل مرة يحدث فيها تطور يسهم في نقل البشرية من حالة إلى أخرى أكثر تقدماً ورقياً، لابد أن يظهر البعض من الأصوات المحذرة والتي تعدد الأخطار التي ستصيب الإنسان. وإن كنتم تعتقدون أن هذه الأصوات المحذرة هي نتاج للوقت الحاضر أو أنها حديثة في الفكر البشري وجاءت من مخاوف حقيقية من مخترعات ومبتكرات تهدد الإنسان، فهذا الاعتقاد خاطئ وهذا الظن ليس في محله. مقاومة الجديد ورفض كل مخترع غير مسبوق عادة قديمة رافقت الإنسان في مختلف العصور والحقب الزمنية. وتوجد مقولة توضح هذا الجانب وهي أن «الناس أعداء ما جهلوا». هناك مثلاً تلك الأصوات التي تعالت عندما بدأ ظهور الصحف الورقية في الانتشار، والتي حذرت من فقدان الهوية؛ لأن في ذلك الزمن كانت الهوية الشخصية تصدر من الرهبان بخط اليد، ويقال إنه عندما بدأت القطارات ومد السكك الحديدية تم مقابلتها بالخوف والتحذير من آثارها المدمرة للمزارع، وما قد تسببه من قتلى وضحايا وإصابات بين الناس. والحال نفسه عندما بدأ الهاتف حيث ظهر من يحذر أنه سيسبب العزلة ويجعل الإنسان منطوياً على نفسه، وعند القراءة في تاريخ أي مبتكرات ومخترعات منذ البداية ستجد أن بين ثناياها أصواتاً لم تكل أو تمل من التحذير والتخويف بل والتعصب ضدها، ومع مرور الأيام وترسخ تلك المخترعات يكون الرافض والتحذير شيئاً عابراً أو شيئاً مضحكاً يتندر عليه. في هذا العصر تتكرر لنا يومياً مثل هذه الحالات، ونسمع الأصوات المحذرة والتي تخوف الناس. شبكة الإنترنت، والقنوات الفضائية، والهواتف الذكية، وغيرها كثير، جميعها قوبلت بالرفض والتحذير والتخويف من آثارها المدوية، وقائمة طويلة لا تكاد تتوقف من الكلمات والخطب والمحاضرات والكتب والمؤلفات، وجميعها جرفت أمام التحديث والتطور والتقدم الحضاري، تلاشت أمام نهم الإنسان ورغبته في المعرفة والعلم. والحال اليوم يتكرر أمام الذكاء الاصطناعي؛ حيث يقال بأنه مخترع خطر وقد يتغلب على الإنسان ويسبب فناء البشرية. جميعنا على علم أن معظم المخترعات والمبتكرات لها وجهان، إما استخدامات سلمية، وإما استخدامات مؤذية وعدوانية، فالسكين التي تدرجت البشرية طويلاً في اختراعها وتطويرها، كان الهدف منها الحماية وتقطيع اللحوم والصيد، ولكنها فيما بعد استخدمت في الحروب، وهذه الحالة مستمرة، ولن تتوقف البشرية عن التطور ولا عن الابتكار، بسبب مثل هذه المخاوف. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com

مشاركة :